أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

كاغامي يُحرج العسكر في عقر دارهم: الصحراء مغربية و”الحياد الحازم” يُسقط حسابات الجزائر

كاغامي يُحرج العسكر في عقر دارهم: الصحراء مغربية و”الحياد الحازم” يُسقط حسابات الجزائر

الدار/ تحليل

في مشهد سياسي غير معتاد على الأرض الجزائرية، وجّه الرئيس الرواندي بول كاغامي صفعة دبلوماسية قوية للنظام العسكري الحاكم في الجزائر، بعد أن رفض بوضوح إدراج أي إشارة إلى قضية الصحراء المغربية في البيان الختامي لزيارته الرسمية.

هذا الموقف الجريء أربك السلطات الجزائرية، التي كانت تراهن على استغلال الزيارة لترويج أطروحتها الانفصالية المعتادة.

كاغامي، المعروف بحنكته وشخصيته الصارمة، أظهر مرة أخرى أنه ليس من الزعماء الذين يُساقون وراء أجندات إيديولوجية بالية أو حسابات جيوسياسية عفا عنها الزمن. فقد اختار التمسك بموقف “الحياد الحازم”، ورفض بوضوح الزج ببلاده في نزاع مفتعل لا يخدم مصالح إفريقيا، ولا ينسجم مع رؤية رواندا لبناء شراكات حقيقية تقوم على التنمية والاستقرار لا على تغذية النزاعات.

ردّ كيغالي الصامت لكنه الصارم، شكّل ضربة موجعة للدبلوماسية الجزائرية، التي كانت تتوقع أن تنتزع من الزعيم الإفريقي البارز دعمًا لفظيًا على الأقل لموقفها المعادي للمغرب. لكن رهانها سقط أمام برودة كاغامي وحساباته الاستراتيجية، التي تضع التنمية الإفريقية فوق كل اعتبار، وتعتبر وحدة الدول مبدأ غير قابل للمساومة.

وبينما كانت القيادة العسكرية في الجزائر تحاول تصدير صورة “الداعم الإقليمي للقضايا العادلة”، تكشف هذه الواقعة عن فشل ذريع في فهم التحولات السياسية داخل القارة الإفريقية، حيث باتت الشعوب والدول ترفض الاصطفاف خلف أنظمة تُهدر ثرواتها في نزاعات عقيمة، بدلًا من الاستثمار في التعاون، الاقتصاد، والتعليم والتكنولوجيا.

كما أن هذا الموقف يُضاف إلى سلسلة من الانتكاسات التي تلقاها النظام الجزائري في الساحة الإفريقية، حيث سحبت أو جمدت العديد من الدول اعترافها بجبهة “البوليساريو”، بعدما تبيّن أن هذا الكيان لا يمثل إرادة الصحراويين، بل مجرد ورقة توظفها الجزائر لخدمة أجندتها التوسعية وابتزاز جيرانها.

المفارقة الكبرى أن النظام العسكري، الذي يسوّق نفسه كحامي مبادئ “تقرير المصير”، لا يتردد في قمع الحريات داخليًا، ويغلق الباب أمام أي صوت معارض، سواء في الداخل أو في الفضاء المغاربي. وهو ما يجعل من ازدواجية خطابه مدعاة للسخرية في المحافل الدولية، كما أظهره بجلاء التصرف السيادي للرئيس كاغامي.

لقد خرجت الجزائر من هذه الزيارة ببيان بارد وجاف، يخلو من أي انتصار سياسي أو دعم صريح. أما كاغامي، فقد غادرها برأس مرفوع، بعد أن لقّن النظام العسكري درسًا في السيادة والواقعية السياسية، مؤكدًا أن زمن المتاجرة بالقضايا الإفريقية قد ولى، وأن إفريقيا الجديدة تُبنى بالوضوح والشراكة لا بالشعارات الخاوية.

زر الذهاب إلى الأعلى