أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

المغرب وباكستان وتركيا.. شركاء المستقبل الذين لا يمكن للغرب تجاهلهم في معادلة الأمن العالمي

المغرب وباكستان وتركيا.. شركاء المستقبل الذين لا يمكن للغرب تجاهلهم في معادلة الأمن العالمي

 

 

الدار/ تحليل

في عالم يموج بالتحولات الجيوسياسية والتحديات الأمنية المتصاعدة، لم تعد معادلات التحالفات الدولية حكراً على القوى التقليدية وحدها. لقد برزت على الساحة دول تمتلك من الكفاءة الدفاعية والقدرة الصناعية ما يجعلها فاعلاً محورياً في رسم ملامح الأمن العالمي الجديد، ومن بين هذه الدول تبرز كل من باكستان، المغرب، وتركيا.

هذه الدول الثلاث لا تجمعها فقط الطموحات الإقليمية والنمو المتسارع في قدراتها الدفاعية، بل تتقاطع مصالحها مع مصالح الغرب في أكثر من ملف، مما يجعلها خياراً استراتيجياً لا غنى عنه لبريطانيا والولايات المتحدة، إذا أرادتا الحفاظ على نفوذهما العالمي وضمان أمن مصالحهما في مناطق بالغة الحيوية.

باكستان، على سبيل المثال، ليست مجرد دولة نووية تملك موقعاً جغرافياً بالغ الأهمية في قلب آسيا، بل تمتلك أيضاً بنية تحتية عسكرية متطورة. ويكفي الإشارة إلى “الصناعات الثقيلة في تاكسيلا” (HIT) كمثال حي على قدراتها الصناعية الدفاعية. هذا المجمع الصناعي، الذي انطلق في أواخر السبعينيات، تحول اليوم إلى مركز رائد في إنتاج وصيانة وتحديث المركبات المدرعة، ويوفر دعماً لوجيستياً وتقنياً حيوياً للقوات المسلحة الباكستانية.

أما المغرب، فقد خطى خطوات جريئة نحو تحديث منظومته الدفاعية وتوسيع شراكاته العسكرية، ليس فقط مع الدول الغربية، بل أيضاً مع قوى صاعدة مثل الصين والهند. موقعه الاستراتيجي كبوابة بين أوروبا وإفريقيا يمنحه أهمية جيوسياسية لا يمكن تجاهلها، كما أن استقراره السياسي ورؤيته الاستراتيجية في مجال الأمن الإقليمي يجعلان منه حليفاً موثوقاً في منطقة تتسم بالاضطرابات.

تركيا، من جانبها، لم تعد فقط جسراً بين الشرق والغرب، بل رسّخت مكانتها كقوة صناعية عسكرية ذات ثقل. من الطائرات المسيرة إلى الأنظمة الدفاعية المتقدمة، استطاعت تركيا أن تبني نموذجاً متقدماً في الاستقلال الدفاعي، وجعلت من صناعتها العسكرية نقطة جذب دولية وشريكاً أساسياً في عدد من الأزمات الإقليمية.

أمام هذا الواقع الجديد، فإن مواصلة الغرب الاعتماد على تحالفاته القديمة دون الانفتاح على هذه القوى الصاعدة سيكون بمثابة تفويت لفرص استراتيجية لا تعوض. التعاون مع باكستان، المغرب، وتركيا لا يجب أن يقتصر على التنسيق العسكري، بل يجب أن يمتد إلى مجالات أوسع تشمل الاقتصاد، التكنولوجيا، وتبادل الخبرات.

إن العالم يتغير، ومن لا يواكب هذا التغير سيجد نفسه خارج معادلة التأثير. وعلى الغرب أن يدرك أن القوى الجديدة ليست مجرد حلفاء محتملين، بل شركاء لا يمكن الاستغناء عنهم في ضمان أمن واستقرار النظام الدولي خلال العقود القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى