عيد الأضحى في إندونيسيا: مظاهر احتفالية روحانية في أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان

الدار/ تقارير
في أجواء يغمرها الإيمان والتقوى، احتفل ملايين الإندونيسيين بعيد الأضحى المبارك يوم الجمعة 6 يونيو 2025، حيث توافدوا منذ ساعات الفجر الأولى إلى المساجد والساحات العامة لأداء صلاة العيد، في مشهد يعكس التلاحم الروحي والاحتفاء الجماعي بهذه المناسبة الدينية العظيمة.
وتُعد إندونيسيا، التي تحتضن أكبر عدد من المسلمين في العالم، مسرحًا لمظاهر احتفالية متميزة بهذه المناسبة، إذ لا يقتصر العيد فيها على أداء الشعائر فحسب، بل يمتد ليشمل طقوسًا وتقاليد مترسخة تتناقلها الأجيال.
في مقاطعة آتشيه الواقعة في أقصى شمال جزيرة سومطرة، امتلأت باحات “مسجد المركز الإسلامي” بالمصلين الذين ارتدوا أجمل ثيابهم وتجمعوا في صفوف منتظمة لأداء الصلاة جماعة، بينما تعالت التكبيرات في أرجاء المدينة، مشحونة بالروحانية والخشوع.
أما في إقليم جاوة الوسطى، فقد اختار بعض السكان الاحتفال في أحضان الطبيعة، حيث تجمع المصلون عند سفوح جبل “ميرابي” الشهير، وتحديدًا في قرية “ستابيلان” التابعة لمحافظة “بويولالي”، ليؤدوا صلاة العيد في أجواء فريدة يكسوها الضباب ويُعطرها عبير الجبال.
وفي “ديبوك” بجاوة الغربية، شهد “مسجد ديان المحري” المعروف بقبابه الذهبية الفريدة، توافد آلاف المصلين، رجالًا ونساءً وأطفالًا، مما جعله واحدًا من أبرز المعالم الروحية خلال هذا العيد. وكان المشهد في “جاتينيجارا” بالعاصمة جاكرتا مهيبًا هو الآخر، حيث التُقطت صور جوية تظهر الحشود وهي تؤدي الصلاة جماعة في تناغمٍ روحاني مدهش.
ويُعد عيد الأضحى مناسبة خاصة لتجسيد قيم التضامن والتكافل الاجتماعي، إذ يحرص المسلمون في إندونيسيا على أداء سنة الأضحية بذبح الأبقار أو الأغنام أو الماعز، ومن ثم توزيع لحومها على الأسر الفقيرة والمحتاجين، في تجسيد فعلي لروح العطاء والمساواة.
وتُواكب الحكومة المحلية والمؤسسات الإسلامية هذا الحدث بتنظيم حملات لجمع الأضاحي وتوزيعها، إضافة إلى إطلاق مبادرات مجتمعية لإحياء السنة النبوية في جو من النظام والتنسيق المحكم، خاصة في المدن الكبرى مثل جاكرتا وسورابايا وميدان.
عيد الأضحى في إندونيسيا ليس فقط مناسبة دينية، بل هو أيضًا تظاهرة اجتماعية وثقافية تعكس التنوع الغني للمجتمع الإندونيسي، وتُبرز قدرة المسلمين هناك على صون هويتهم الروحية والتعبير عنها بأسلوب حضاري راسخ الجذور.
وبينما تتردد التكبيرات من المساجد، وتُملأ الأحياء بروائح الشواء وتبادل التهاني، يبقى العيد مناسبة لتعزيز أواصر المحبة والتراحم بين أفراد المجتمع، وترسيخ مبادئ العدل والمساواة التي يُجسدها الإسلام في أبهى صوره.