أخبار دولية

أي تداعيات لوفاة السبسي على استقرار تونس وانتخاباتها؟

استبعد سياسيون ومراقبون في تونس أن تحدث وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي ارتباكا سياسيا في البلاد المقبلة على مرحلتي الانتخابات التشريعية والرئاسية، مشيرين إلى أن الدستور التونسي يفوض لرئيس البرلمان في حالة شغور دائم في منصب رئيس الدولة تولي رئاسة الجمهورية لمدة أدناها 45 يوما وأقصاها 90 يوما.
وتتزامن وفاة السبسي (92 عاما) مع الاحتفال بذكرى مرور 62 عاما على الإعلان عن الجمهورية التونسية وإلغاء النظام الملكي للبايات (الدولة العثمانية) سنة 1957. 
وقد كان الرئيس الراحل أول رئيس منتخب لتونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي في العام 2014، وذلك إثر فوزه في الدورة الثانية للرئاسيات أمام منافسه محمد منصف المرزوقي.
وعن تداعيات وفاة السبسي على الوضع العام في البلاد، يقول النائب عن حركة النهضة الحبيب خضر إنه لا مدعاة لحصول ارتباك سياسي بالنظر لاستقرار مؤسسات الدولة، ووضوح الفصل 84 من الدستور الذي ينص على أنه في حالة وفاة الرئيس يتولى رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) مهام رئيس الدولة.

محمد الناصر
وينص الفصل 84 على تولي رئيس مجلس نواب الشعب ممثلا في محمد الناصر أحد رجال المقربين من السبسي منصب رئيس الجمهورية لأجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما، ويمكن لرئيس البرلمان أن يؤدي اليمين الدستورية أمام البرلمان أو أمام مكتبه بحسب الفصل 85 من الدستور.

وقال خضر إنه يمكن لرئيس مجلس نواب الشعب أن يباشر مهامه اليوم بعد أدائه اليمين الدستورية، مشيرا إلى أن توليه منصب الرئاسة لن يكون له أي تأثير على رزنامة الانتخابات التشريعية التي تقرر إجراؤها في 6 أكتوبر المقبل، أو انتخابات الرئاسة المقررة في 10 نونبر المقبل.

ومنذ 22 يوليوز الجاري، فتحت الهيئة المستقلة للانتخابات الباب أمام قبول الترشيحات للانتخابات التشريعية التي ستغلق يوم 29 من الشهر الجاري، لكن دخول البلاد في المسار الانتخابي رافقه جدل كبير بشأن ما إذا كانت هيئة الانتخابات ستعتمد التعديلات الجديدة التي طرأت القانون الانتخابي أم لا، ولا سيما بعد رفض السبسي الختم على هذه التعديلات.

ورفض الحبيب خضر الإدلاء بموقفه بشأن ما إذا كان حزبه سيتمسك باعتماد تلك التعديلات التي وصفها الرئيس الراحل السبسي بغير الدستورية، وأنها صيغت على المقاس لإقصاء خصوم سياسيين.

وكانت أحزاب الأغلبية في البرلمان -وعلى رأسها حركة "النهضة" وحزب "تحيا تونس" الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد- قد صدقت يوم 18 يونيو الماضي على تعديل القانون الانتخابي بإدراج فصول جديدة تمنع رؤساء الجمعيات الخيرية وأيضا الموالين للنظام السابق من الترشح للانتخابات، وهو ما رأى فيه البعض إقصاء.

سد الشغور
وقال النائب عن حركة "تحيا تونس" محمد سعيدان إنه لا يوجد أي خطر على الاستقرار السياسي والأمني في البلاد إثر وفاة السبسي، مشيرا إلى أن البلاد ظلت محافظة على استقرارها وسلمها في أحلك الظروف في سنة 2011.

ويضيف سعيدان أن "تونس بلد يحكمه القانون والمؤسسات، ولا يوجد أي طارئ من شأنه إدخال الفوضى أو الارتباك في البلاد"، مشيرا إلى أن تونس استطاعت الحفاظ على التداول السلمي على السلطة منذ سقوط النظام السابق في 14 يناير 2011 إلى غاية اليوم، في ظل تداول سبع حكومات على السلطة طوال ثماني سنوات بعد الثورة.

وبشأن ما إذا كانت وفاة السبسي وانقضاء الأجل الدستوري لختمه على التعديلات المدرجة في قانون الانتخابات ستقبران تلك التعديلات ليجري العمل بالصيغة القديمة للقانون، قال القيادي في حزب "تحيا تونس" إن هيئة الانتخابات أعلنت سابقا أنها مستعدة لاعتماد تلك التعديلات حال نشرها في الجريدة الرسمية.

قانون الانتخابات
لكن أمين عام حزب التيار الشعبي والقيادي في الجبهة الشعبية اليسارية زهير حمدي قال إن عدم توقيع السبسي على التعديلات وعدم نشرها في الجريدة الرسمية مختومة بإمضائه يعني أنها سارية المفعول، مشيرا إلى أن الهيئة المستقلة للانتخابات شرعت في قبول طلبات الترشح للانتخابات التشريعية وفقا للقانون القديم.

ويضيف حمدي للجزيرة نت أن وفاة الرئيس التونسي لن تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها، ولا سيما مع تحديد الهيئة المستقلة للانتخابات رزنامة ومواعيد هذا الاستحقاق، متوقعا أن تجرى الانتخابات في آجالها المعلنة، باعتبار أن فترة مهام الرئيس الجديد المؤقت تتراوح بين 45 و90 يوما كحد أقصى، وهو ما يتزامن مع موعد الانتخابات المبرمجة.

ويقول عبد الجواد الحرازي الخبير القانوني رئيس الهيئة الفرعية السابقة للانتخابات في تونس إن وفاة السبسي لن تحدث أي إشكال قانوني على الرغم من وجود هشاشة سياسية، لافتا إلى أن الفصل 84 من الدستور يحسم الأمر بنقل السلطة لرئيس البرلمان مؤقتا.

وأكد الحرازي أن تنصيب رئيس البرلمان رئيسا جديدا بصفة مؤقتة يتم حالا بعد معاينة الشغور الدائم في منصب رئيس الجمهورية، مبينا أنه لا يحق للناصر أثناء قيامه بأعمال الرئيس طبقا للفصل 86 من الدستور أن يقدم مبادرة دستورية، أو يعرض قانونا على الاستفتاء، أو أن يحل البرلمان أو يسحب الثقة من الحكومة.

المصدر / وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى