تحالف الشر الثلاثي: كيف تُوظّف إيران والجزائر “البوليساريو” لزعزعة استقرار المنطقة ونشر الدعاية الخبيثة في أوروبا

الدار/ خاص
في تطوّر خطير يكشف عن أبعاد جديدة لتحالف غير مُعلن بين إيران والجزائر وجبهة “البوليساريو”، دفعت الجزائر وبوليساريو بمتظاهرين امام سفارة طهران في مدريد لإعلان التضامن مع ايران في حربها ضد اسرائيل.
احد اتباع بوليساريو المقربين من ايران كتب على منصة اكس ان السفير الإيراني في إسبانيا، خلال التظاهرة التي نُظمت في مدريد، أعرب له عن أمنيته في أن “تصبح الصحراء الغربية حرة ومستقلة”، وهو ما يعتبر تدخلاً سافراً في نزاع إقليمي تُجمِع الأمم المتحدة على حله عبر تسوية سياسية واقعية.
ما يُثير الانتباه ليس فقط الموقف الإيراني، بل توقيت هذا التقارب، الذي جاء في سياق توتر متصاعد بين إيران وإسرائيل، لتُظهر طهران مرة أخرى قدرتها على توظيف الحركات الانفصالية كأدوات تخريبية ضمن معاركها الجيوسياسية. ووفقًا لمعطيات موثوقة صادرة عن تقارير استخباراتية غربية، فإن إيران قد درّبت بالفعل عناصر من ميليشيات البوليساريو وقدّمت لهم دعماً لوجيستيًا وأسلحة، مقابل خدمات ميدانية واستراتيجية في مناطق محددة من الساحل والصحراء، وهو ما يُفسّر تنامي دور هذه الحركة في الشبكات الرمادية العابرة للحدود.
ما يجمع بين إيران والجزائر في هذا السياق هو استخدام “البوليساريو” كأداة وكيلة (proxy) لإدارة صراعاتهما الإقليمية والدولية دون تحمل كلفة المواجهة المباشرة. إذ تحرص الجزائر، التي تستضيف وتدعم “البوليساريو” سياسيًا وعسكريًا منذ عقود، على الظهور بمظهر “الراعي الإنساني”، بينما تُدير في الخفاء شبكة دعم كاملة لهذه الحركة، بدءًا من التمويل وانتهاءً بالدعاية السياسية الموجهة للدوائر اليسارية الراديكالية في أوروبا، لا سيما في إسبانيا.
في هذا السياق، يُبرز اسم علي طالب سالم، أحد أبرز أذرع “البوليساريو” الإعلامية في أوروبا، كحلقة وصل بين الأجندات الإيرانية والجزائرية في القارة العجوز. فوفقًا لمصادر متقاطعة، يتولى هذا الشخص دورًا محوريًا في نسج خطاب دعائي يُروّج لما يُسمى بـ”تحرر الصحراء” مستغلاً منابر اليسار المتطرف الإسباني، الذي له تاريخ من التواطؤ الإيديولوجي مع أطروحات معادية للغرب والمغرب.
من خلال تدريب وتسليح ميليشيات البوليساريو، تسعى إيران إلى نسخ نموذج “حزب الله” في شمال إفريقيا، عبر بناء شبكة مسلحة عابرة للحدود يمكن استخدامها ضد المصالح الغربية والإقليمية، أو لتشتيت الانتباه عن أزماتها الداخلية المتفاقمة. هذه الاستراتيجية ليست جديدة، بل هي امتداد لما نفذته طهران في لبنان وسوريا واليمن والعراق، حيث أصبحت هذه الدول ساحة لحروب بالوكالة تشعلها إيران على حساب استقرار الشعوب.
أما في أوروبا، فإن طهران تسعى أيضًا عبر “البوليساريو” إلى كسب موطئ قدم جديد داخل الحركات المناهضة للنظام العالمي الليبرالي، متستّرة خلف شعارات “حق الشعوب في تقرير المصير”، وهي الشعارات نفسها التي لطالما استغلتها طهران لخداع الرأي العام وتلميع صورتها رغم سجلها الأسود في قمع الأقليات داخل إيران نفسها.
بالنسبة للجزائر، فإن التحالف مع إيران في ملف الصحراء يخدم أهدافًا مزدوجة: فهو من جهة يُوفّر دعماً عسكريًا وفنيًا لـ”البوليساريو”، ومن جهة أخرى يمنح الجزائر هامشاً للمراوغة السياسية، إذ تبقي على موقفها الرسمي “المحايد” بينما تُحرّك الأوتار من الخلف. هذا النموذج من “الإنكار المحتمل” (plausible deniability) يضع المجتمع الدولي أمام معضلة أخلاقية، حيث تستمر الجزائر في خرق القانون الدولي عبر وكلاء دون أن تواجه العقوبات أو الضغط الكافي.
أمام هذه التهديدات المتنامية، يجد المغرب نفسه في موقع الدفاع عن أمنه القومي، ليس فقط ضد مشروع انفصالي داخلي، بل ضد تحالف إقليمي يستثمر في زعزعة استقرار المنطقة. لذلك، بات من الضروري أن تتحرك القوى الكبرى والهيئات الدولية، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، لوضع حد لهذا التغلغل الإيراني–الجزائري عبر أذرع مسلحة تتخفى خلف شعارات كاذبة.
إن الصمت الدولي، خاصة الأوروبي، إزاء هذا التحالف الخبيث يُشجّع على مزيد من الانفلات. فكيف يُعقل أن تُقبل أوروبا، وهي المتضررة الأولى من الإرهاب واللاجئين وانعدام الأمن في الساحل، بأن يُمارس هذا النوع من العبث داخل أراضيها وتحت مظلة ما يسمى بـ”حرية التعبير”؟
على المجتمع الدولي أن يواجه الحقيقة: “البوليساريو” لم تعد حركة انفصالية محلية، بل أداة ضمن استراتيجية تخريبية أوسع يقودها محور إيران–الجزائر، تهدد الأمن الإقليمي والمتوسطي على حد سواء.