من صدام إلى خامنئي.. أغلفة مجلة تايم ترصد لحظات سقوط قادة حكموا بقبضة من حديد
من صدام إلى خامنئي.. أغلفة مجلة تايم ترصد لحظات سقوط قادة حكموا بقبضة من حديد

الدار/ تحليل
في مشهد يعيد إلى الأذهان التحولات العاصفة التي شهدتها بداية القرن الحادي والعشرين، أثارت مجلة “تايم” الأميركية جدلاً واسعاً بنشرها غلافاً حديثاً يصور المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، تحت عنوان يوحي بسقوطه السياسي أو الرمزي، مؤرخ بتاريخ 18 يونيو 2025. هذا الغلاف لم يمر مرور الكرام، خاصة أنه يأتي ضمن سلسلة من الأغلفة الأيقونية التي كرّستها المجلة لتأريخ لحظات سقوط قادة ذوي نفوذ عالمي، كان أبرزهم صدام حسين في 19 مارس 2003، ومعمر القذافي في 5 سبتمبر 2011.
غلاف صدام حسين، الذي جاء بعد اجتياح التحالف الأميركي للعراق، حمل عنوان “نهاية اللعبة”، في وقت كانت فيه بغداد تترنح تحت الضربات الجوية، وبوادر انهيار نظام البعث باتت واضحة. بالمثل، جسد غلاف سبتمبر 2011 لحظة سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي، عقب أشهر من الصراع الدموي والحراك الشعبي الذي أطاح بأكثر الأنظمة العربية غموضاً واستبداداً.
اليوم، وبلغة بصريّة مشابهة، تتصدر صورة علي خامنئي الغلاف، في توقيت لا يخلو من الرمزية، إذ يتزامن مع تصاعد غير مسبوق للأزمات الداخلية في إيران، واحتدام الصراع بين التيار المحافظ والحراك الشعبي المناهض لهيمنة الحرس الثوري، إلى جانب عزلة إقليمية ودولية خانقة، فُرضت بفعل العقوبات ومغامرات طهران الإقليمية.
رغم أن خامنئي ما يزال يشغل منصب المرشد الأعلى، إلا أن غلاف “تايم” لا يتحدث بالضرورة عن سقوط جسدي أو اغتيال سياسي مباشر، بل قد يشير إلى نهاية حقبة دامت أكثر من ثلاثة عقود من الحكم الثيوقراطي الذي أرسى أسس “ولاية الفقيه” كأعلى مرجعية سياسية ودينية في إيران.
المجلة الأميركية لم تصدر بعد توضيحاً مفصلاً بشأن مضمون عددها الجديد، لكن المراقبين يربطونه بتقارير دولية حديثة تحدثت عن تدهور صحة خامنئي، وصراعات خفية حول من سيخلفه، فضلاً عن تراكمات الاحتجاجات الشعبية المستمرة، من “انتفاضة الحجاب” إلى العصيان المدني في الجامعات والمصانع والقطاعات الحيوية.
لـ”تايم” تقليد راسخ في استخدام الأغلفة كمؤشرات رمزية لسقوط أو نهاية قادة مثيرين للجدل، وغالباً ما يُنظر إلى هذه الصور كتوثيق لتغيرات جيواستراتيجية عميقة. في حالة خامنئي، فإن توقيت الغلاف يأتي عقب الضربة الجوية الإسرائيلية في قلب طهران – بحسب تقارير استخباراتية – والتي قُتل فيها عدد من القادة العسكريين الإيرانيين، إلى جانب ضباط جزائريين، في إشارة واضحة لتورط إيران في شبكات تسليح وتمويل إقليمية حساسة.
بالتوازي مع تلك التطورات، تشهد الساحة الإيرانية اضطرابات اجتماعية واقتصادية، عززها الانخفاض الحاد في قيمة الريال الإيراني، وازدياد حدة القمع ضد الناشطين، فضلاً عن تصاعد الفجوة بين النظام والشباب الإيراني التواق للتغيير والانفتاح. ويبدو أن صورة خامنئي على غلاف “تايم” ترمز إلى نهاية مرحلة سياسية أكثر من كونها حدثاً مباشراً.
من صدام حسين إلى القذافي، وصولاً إلى خامنئي، ترصد “تايم” لحظات تحوّل كبرى شهدها العالم الإسلامي والشرق الأوسط تحديداً. وفي كل مرة، لا يكون السقوط فقط نهاية زعيم، بل انهيار منظومة فكرية وسياسية كانت تُوصف يوماً بأنها عصية على الانكسار. غلاف يونيو 2025 ليس سوى مرآة لزلزال سياسي مرتقب، قد يعيد رسم خريطة النفوذ الإقليمي والدولي في الشرق الأوسط، ويؤرخ لبداية ما بعد ولاية الفقيه.