
بقلم : ياسين المصلوحي
اختتمت، يوم الأربعاء 18 يونيو الجاري، أشغال منتدى التدبير المستدام للغابات، الذي احتضنته مدينة أكادير على مدار ثلاثة أيام، والذي صادف تخليد اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الموافق لـ 17 يونيو، الذي اختير له عنوان هذه السنة: “استعادة الأراضي… اغتنام للفرص“، نظراً للدور المحوري الذي تلعبه الغابات في تحقيق التوازنات البيئية ومكافحة التغيرات المناخية.
وقد شهد هذا المنتدى حضوراً دولياً وازناً لمجموعة من المسؤولين الحكوميين من مختلف القارات، وممثلين عن منظمات أممية، وخبراء دوليين، بالإضافة إلى فاعلين اقتصاديين وممثلي مؤسسات مدنية دولية.
دارت الفكرة المحورية لهذا المنتدى حول بلورة رؤية جماعية ومندمجة لمواجهة التحديات البيئية المرتبطة باستدامة الغابات، وهو ما انعكس في برنامج التظاهرة، الذي تناول ثلاثة ملفات مفصلية: أولاً، التدبير المجتمعي للغابات باعتباره العمود الفقري في الحكامة التشاركية؛ ثانياً، الاعتماد على التكنولوجيا والابتكار لتحديث طرق التتبع والمواكبة والمرونة في التدبير؛ وثالثاً، مسألة التمويل المستدام، الذي يضمن استمرارية السياسات العمومية المرتبطة بالغابات، ويمكن من تحقيق أهدافها.
هذا البرنامج يتماشى، إلى حد كبير، مع محاور استراتيجية غابات المغرب 2020-2030، التي تعتمد على أربعة محاور رئيسية، تتمثل في: تنزيل نموذج تشاركي لتدبير الغابات يضمن إشراك الساكنة المحلية، وتنمية الغابات حسب وظائفها البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتحديث المهن وتأهيل الكفاءات، ثم إصلاح الإطار المؤسساتي بهدف تعزيز الحكامة والرفع من الأداء العمومي في هذا القطاع. وهي الاستراتيجية التي تعتمدها الوكالة الوطنية للمياه والغابات التي تعتبر المسؤول الأول عن السياسية العمومية الغابوية في المغرب وتلعب الدور المحوري في تنسيق الجهود وتنظيم مثل هذه التظاهرات.
يعكس هذا الحدث البيئي الدولي التزام الدولة المغربية واهتمامها بالقضايا البيئية ورهان الاستدامة، فيما يتعلق بحكامة تدبير المنظومات الغابوية. كما أن التجربة الدولية والإقليمية التي راكمها المغرب في هذا المجال تمكنه من احتلال مراتب متقدمة في نماذج التدبير المستدام والتشاركي، خصوصاً من خلال جعل الغابات أولوية وطنية ورافعة للتنمية الاجتماعية والمجالية.
ومن أبرز نتائج هذا المنتدى توقيع مذكرة تفاهم بين خالد بن عبد الله العبد القادر، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني السعودي لتنمية الغطاء النباتي، عن المملكة العربية السعودية، وعبد الرحيم هومي، المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، ممثلاً عن المملكة المغربية. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز وتقوية التعاون الثنائي في قطاعات التشجير، ومكافحة التصحر، وتبادل التجارب في التدبير المستدام للغطاء الغابوي، ومواجهة التحديات البيئية المشتركة.
وتهدف هذه الشراكة الاستراتيجية إلى دعم وتطوير التعاون التقني والعلمي بين الطرفين في مجالات متعددة ذات أولوية، مثل: تطوير الأطر الاستراتيجية والقانونية الرامية إلى تدبير مستدام للغابات، وإعادة تأهيل النظم الإيكولوجية الغابوية والمحافظة عليها.
ومثلما تتناسب هذه المذكرة التفاهمية مع غايات وأهداف استراتيجية غابات المغرب 2020-2030، المعتمدة من طرف المغرب، فهي تتماشى أيضاً مع مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي أطلقتها المملكة العربية السعودية سنة 2021، والرامية إلى دعم التعاون الإقليمي في مجالات حفظ التنوع البيولوجي، وتعزيز مرونة النظم الإيكولوجية، وتحقيق التنمية المستدامة.
إن مثل هذه المحافل الدولية ذات البعد البيئي تكرّس المكانة المتقدمة التي أصبح يحظى بها المغرب، وتمكنه من تقوية العلاقات الدولية، ونسج شبكات تعاون وتبادل للخبرات والتجارب أكثر قوة وصلابة.