سلايدرمغرب

الوظيفة العقابية للمحاكم المالية : درس أكاديمي بمختبر القانون العام بكلية المحمدية

بقلم: ياسين المصلوحي

نظم مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية – جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء – درساً أكاديمياً حول موضوع “الوظيفة العقابية للمحاكم المالية”، والذي أطره الأستاذ إبراهيم بن به، الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، وذلك يوم الجمعة 20 يونيو 2025 على الساعة التاسعة والنصف صباحاً، بقاعة الندوات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية. وقد تكلف بتسيير أشغال هذا الدرس الأستاذ الجامعي عمر شرقاوي.

يدخل هذا الدرس الأكاديمي في إطار سلسلة الدروس الأكاديمية التي يدأب المختبر على تنظيمها، وإسناد إلقائها لشخصيات وازنة وقامات علمية كبيرة في ساحة التعليم من جهة، وفي إطار انفتاح المجلس الأعلى للحسابات على المحيط الجامعي للتعريف بالمجلس ومهامه، وأدواره، وصلاحياته، وتقريب المحاكم المالية من الوسط الأكاديمي؛ خصوصاً وأن القضاء المالي يُعتبر تطبيقاً للدروس النظرية المتعلقة بالأجهزة العمومية وتدبير المال العام المُدرّسة في الجامعات المغربية.

وقد تطرق هذا الدرس الأكاديمي الغني، من حيث المعلومات والمعطيات، لمجموعة من المحاور التي يمكن تلخيصها في تقديم عام للمجلس الأعلى للحسابات، الذي يُعتبر مؤسسة حديثة تم إنشاؤها سنة 1979، ليتم التنصيص عليه في دستور 1996 واعتباره مؤسسة دستورية، وإنشاء المجالس الجهوية للحسابات. كما أن التوجيهات الملكية أكدت على أهمية تطوير وتفعيل المنظومة الرقابية من خلال التزام صاحب الجلالة مباشرة بترسيخ مبادئ الشفافية، وتحصين العمل الإداري من كل الانحرافات والانزلاقات، وتوجيه تصرفات المسؤولين توجيهاً صحيحاً قوامه الأخلاق الحميدة، والمساءلة، وخدمة الصالح العام… وهو ما انعكس في دستور 2011 في بابه العاشر، انطلاقاً من الفصل 147 الذي يوضح ماهية المجلس، واختصاصاته، وأدواره، ويعزز استقلاليته من خلال تعيين القضاة المكونين له بظهير ملكي، وخضوعهم لنظام أساسي خاص.

هذه الاختصاصات والصلاحيات تتكامل من أجل تعزيز مبدأ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتتميز طبيعة اختصاصات المحاكم المالية إلى اختصاصات قضائية، وتتضمن التدقيق والبت في الحسابات، ثم التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، التي يُصدر بموجبها مقررات قضائية ذات طبيعة عقوبات مالية.

والاختصاصات غير القضائية، التي تتكون من اختصاصات رقابية، واختصاصات أخرى واسعة من قبيل الاستشارات وغيرها، يُصدر بموجبها تقارير خاصة تتضمن التوصيات والملاحظات.
كما تمت الإشارة إلى أهداف العقوبة التي ترمي إلى تحقيق الردع العام أكثر من الردع الخاص، حيث تهدف المحاكم المالية بالأساس إلى الوقاية من ارتكاب المخالفات في المستقبل، وحماية التسيير الجيد في مجال التدبير العمومي، وتعزيز ثقة السلطات والمواطنين، والمساهمة في بناء الدولة الحديثة.

كما تم تقديم إحصائيات معبّرة عن عدد القرارات والأحكام الصادرة في مادة التدقيق والبت في الحسابات، الذي بلغ 3951 حكماً وقراراً نهائياً، ثم المبلغ الإجمالي للعجز المحكوم به: 54.152.299,17 درهماً.
أما عدد القرارات والأحكام الصادرة في مادة التأديب المالي، فهو 86 حكماً وقراراً، ترتب عنه مبلغ إجمالي للغرامات المحكوم بها: 5.056.500,00 درهماً.
واُختُتمت الإحصائيات بالإشارة إلى المبلغ الإجمالي للأموال المحكوم بإرجاعها إلى الأجهزة العمومية: 9.148.973,42 درهماً.

كما سُلط الضوء على فكرة مهمة، وهي التوسع في مبدأ شرعية المخالفة، حيث إن المحاكم المالية لا تستوجب أن يكون هناك نص صريح يحدد المخالفة ويحدد عقوبتها، بل هو أشمل وأوسع؛ إذ يعتمد في تحديد المخالفة على أساس الواجبات التي يخضع لها المسؤول والمؤسسة التي ينتمي إليها.

كما أنه، في حال صدور العقوبات القانونية المرتبطة بالأحكام القضائية، فهناك عقوبات رمزية تكميلية، من قبيل نشر هذه الأحكام، لكي تُشكل رادعاً للمسؤولين الآخرين، وتُبيِّن أسباب ارتكاب المخالفات من أجل تفاديها، وتحقيق وظيفة الردع العام.
وقد اختُتم الدرس بتقديم درع تكريمي من طرف مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بالكلية، بواسطة السيد مدير المختبر الأستاذ سعيد خمري، كعربون شكر وامتنان على مجهودات السيد الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات.

زر الذهاب إلى الأعلى