
بقلم: نورالدين زاوش
يُحكى أن غزالة اغتُصبت يوما في الغابة، فنادى الأسد في الحيوانات من أجل المشورة وإيجاد حل لهذا المصاب الجلل، فأدْلت الحيوانات بما جادت به قريحتها، إلى أن تقدم القرد المفضوح وهو منتفخ كالعلجوم، ويمشي مِشية الطاووس، ثم قال للأسد: أنا أسترها، فرد عليه الأسد وهو يحاول أن يتماسك نفسه من شدة الضحك: استر نفسك.
تذكرتُ هذه القصة الطريفة وأنا أستمع للمفضوح “بنكيران”، “نبي” العدالة والتنمية، وهو يصرح بأنه دعّم “إيران” وساندها، ويساندها، وسيساندها، والصواب أن يساند حزبه المتآكل الذي أذله الله بعد عز، فيواري سوأته النتنة، ويرمم جراحه الغائرة، ويسترد خرافه الضالة التي شردت منه، ويسترجع مقاعده البرلمانية التي زاغت عنه؛ لا أن يتطاول في مواضيع لا يفقه فيها شيئا، ويتطفل على مجالات تخص الدولة وحدها، ولا تخص أحدا آخر؛ خصوصا إذا كان هذا الشخص من عبّاد الكرسي اللعين، وكان من “بَلْطجِيّي” الانتخابات المشؤومة، وكان ممن يتقاضون في تقاعدهم ملايين من السحت كل شهر، بعدما أفسد على الناس تقاعدهم، فهم يَدْعُون عليه كل شهر.
لا أجد عذرا لهذا الرجل المفضوح، إذا ما وجد أن القصة التي أوردتها في بداية المقال مُبْتذلة وتفتقر إلى اللباقة والاحترام؛ فهو أول سياسي في المملكة المغربية الشريفة ينتقي كلماته من معجم الحيوانات، وهو أول من شبه خصومه السياسيين بالتماسيح والحمير وهلُمّ جراًّ؛ فلا بأس أن يتجرع، بين الحين والحين، من الكأس التي جعل خصومه يشربون منها طويلا، عله يشعر بالألم الذي يشعرون به وقت تهجماته اللعينة التي لا تراعي أدبا، ولا تضاهي خُلقا، ولا تلتزم بما جاء به كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام؛ لكن هيهات هيهات، أن تكف الراقصة عن هزِّ الأرداف.
لو كان السيد “بنكيران” يساند “إيران” لأنه يتَّبع قاعدة “عَدُوُّ عدوِّي صديقي”، فمثلما يساند “إيران” بدعوى أنها عدوَّةُ عدوَّتنا “إسرائيل”، عليه أيضا أن يساند “إسرائيل” لأنها عدوة عدوتنا “إيران”؛ وإذا كان يساند “إيران” لأن “إسرائيل” تُقَتل الفلسطينيين وتُهَجرهم وتحتل أراضيهم، فعليه بالمِثل أن يساند “إسرائيل”؛ لأن “إيران” تُقَتل السنة وتُهَجِّرهم وتحتل أراضيهم؛ اللهم إذا كان السيد “بنكيران” يرى أن دم الفلسطيني المسلم أعظم حُرمةً عند الله من دم السوري واليمني والعراقي واللبناني، وأقدس حتى من دم المغربي “حمزة الجعايفري”، الذي قُتل في “السمارة” على يد مرتزقة “البوليساريو” بسلاح إيراني خالص.
من أجمل ما خلَّده “نابليون بونابرت” في التاريخ قولُه: “على رجل الدولة أن يضع قلبه في رأسه”، وكأنه يتحدث في عصرنا هذا عن “بنكيران” الذي يضع قلبه في مؤخرته التي تعشق كرسي الحكم حتى الموت؛ ولو على حساب بلده الذي يُطعمه من جوع كل شهر، ويُؤَمِّنه من خوف بوضع حراس شخصيين له يلازمونه كالظل، ولا يفارقونه طرفة عين.
لو كان أمر السياسة الخارجية بيد السيد “بنكيران” المفضوح، لانتهى ذِكْرُنا منذ أمد طويل، وسقطت هَيْبَتنا من غير ربِجعة، وصرنا أضحوكة عند الشعوب وبين الأمم، وتحولنا إلى نكت وطرائف، ومواد مثيرة للسخرية والاستهزاء، وعُدنا تماما مثل بلاد “كرغلستان” العظمى، التي لا هيبة لها ولا وزن كما قال “لافروف”؛ لكن لحسن الحظ؛ فهذا البلد الآمن يحكمه جلالة الملك بحكمته وبصيرته؛ فأعِزَّه الله مثلما أعززتنا به، وأذِلّ من تطاول على هذا البلد مثلما أذلَلْتَ ذلك المَهين الذي لا يكاد يُبين.
لقد بات من المؤكد أن السيد “بنكيران” هو أغبى سياسي عرفته المملكة المغربية الشريفة؛ لأنه بكل بساطة لم يعرف لحد الساعة أن ساعته قد انقضت، وأيامه قد ولَّت، وأنه حتى ولو كان لسانه أمضى من سيف المسيح الدجال، ما عاد لرئاسة الحكومة حتى يلج الجمل في سم الخياط.