هشام العسري: منحني الله عقلا ولست في حاجة لإمام أو علامة
في هذا الحوار، يكشف المخرج هشام العسري كيف يوظف الجسد ضمن عدد من أعماله السينمائية، وكيف يتدخل تكوينه الخاص في اشتغاله الفني.. كما يتحدث عن مدى حضور الدين في مساره الحياتي، وحدود الحرية في أعماله السينمائية وتفاصيل أخرى تقرؤونها في نص الحوار التالي..
الدار/ إكرام زايد
ما الفرق بين توظيف جسد المرأة والرجل في أعمالك السينمائية؟
بالنسبة لي جسد الرجل والمرأة ليس لهما نفس الدلالات في مجتمعنا، إذ يشكل جسد المرأة إغراء بالنظر إلى تفاصيل لا نود رؤيتها لوجود هواجس لدى المتفرجين الرجال على غرار رغبتهم في مشاهدة المرأة عارية في الحانة مثلا، وعدم تقبل الأمر في الشارع.. وهذا من جملة ين الانتقادات التي تواجهنا في السينما حيث يرغب المتفرج في مشاهدة العراء في الأفلام، لكن بمجرد وقوع ذلك في أعمالنا المغربية لا يتفاعل مع الأخيرة.
أما جسد الرجل فيفرض ضمنيا فكرة الضعف، لأن أجساد الرجال التي تبدو عارية في السينما تتعلق بالسجناء أو المعذبين، وهذا يطرح مشكلة تتمثل في أنه لا يتوجب على الرجل أن يكون ضعيفا لدرجة أنه قد يجسد دورا في الحياة لا يمتلك القدرة عليه محاولا الظهور في كامل الرجولة والفحولة.. وهذا في اعتقادي مفهوم بعيد عن المعنى الحقيقي للرجولة، لأنه يكفي أن يشعر الرجل بثقة في نفسه دونما حاجة لفرض قوته البدنية.
هل يتدخل تكوينك الخاص في الاشتغال السينمائي؟
بطبيعة الحال وأعتقد أن أول تكوين في أفلامي الستة التي جالت العالم وكان لها صدى خارج المغرب في الدول العربية والأوروبية والأمريكية، طرحت مواضيع تعلقت بالملك الراحل الحسن الثاني وإضراب الكوميرا ووزير الداخلية السابق إدريس البصري ومجموعة من الأحداث التي لم نسائلها بعد..
لم تقدم لنا بعد قراءة عن عدد من الأحداث التي عاشها المغرب من الجانب الفكري والسوسيولوجيا، ولا زلنا نتحدث عن انطباعات شخصية وآراء بعيدا عن كتابات لها ثقلها في تناول حقبة تاريخية بعيدا عن وصفها بالفترة الصعبة وبسنوات الرصاص..
إننا نتكلم عن المغرب ونتساءل أين وصلنا، كما نتساءل عن الحاضر فيما نتحدث بأريحية وبرودة عن الماضي وكأنه لا يعنينا، والسؤال هل هناك العديد ممن لهم مصلحة في طمس التاريخ وتفادي الحديث عن أحداث سلبية؟؟
هل يحضر الدين في مسارك الحياتي؟
ليس لدي مشكل في الدين لأني أفرق بين أمرين: الدين المكتوب وأن لكل فرد طريقته الخاصة في العيش، والإيديولوجية الدينية التي قد تصفك بالكافر إن لم تقم بسلوكات معينة أو بالمسلم من خلال فرض أخرى عليه.. أحاول التفكير لأن الله منحني عقلا لأفكر به ويكون لي تواصل مباشر معه ومع الطبيعة والكون والمخلوق، وليس ضروريا أن يشرح لي هذه التفاصيل شخص آخر سواء كان إماما أو علامة.. وما الظواهر التي نشاهدها حاليا في الدول العربية الإسلامية، سوى تأكيد على كلامي حيث تمسح الأدمغة ويتم توظيفها في الإرهاب.. لو أن الفرد يفهم ويطلع جيدا فإنه لن يتوه، ومهمتنا كفنانين أن نقدم للشعب مساحة ليجد ذاته كي لا يوظف في اتجاهات أخرى.
ما هو النهج الذي تسير وفقه في الحياة؟
أعيش الحياة وأشعر بارتياح وإحساس خاص وأنا أؤدي مناسك العمرة، والحياة تمنحنا كل هذه الخيارات. والسؤال لماذا نختار نهجا واحدا ونقفل على ذواتنا فيه؟
إلى أي حد أنت حر في أعمالك السينمائية؟
الإبداع حرية تنفذ بموجبها فكرة وتتقاسمها مع الناس، ودورنا كفنانين يقتصر على رواية قصص نفهم من خلالها من نحن ونحاول أن تقترب من أنفسنا أكثر.. وجميل أن نتفرج على أفلام تركية وهندية وأمريكية، رغم أنها بعيدة عنا ولكن رغم ذلك يتوجب علينا في لحظة معينة العودة لأنفسنا..
رواية القصص ضرورة غذائية للروح، لأنه لا يمكننا استهلاك الصور الخارجية بعيدا عن تلك التي خلقناها نحن لأنه تبرز أهمية تصالحنا مع ذواتنا، من خلال قبول مشاهدة أنفسنا وبعد ذلك تبدأ مرحلة التسلية في الأعمال الفنية التي نقدمها.. نحن نعاني تناقضات مع أنفسنا وعدم اتفاق مع ذواتنا ونفاقا ومجاملة، وعملنا الفني كيف نكون معاكسين لما يقوله المجتمع الذي قد يكون نفاقا أو إيديولوجية مستوردة من الخارج..
أعشق أن يصلي الفرد يوم الجمعة ويتعاطى المشروبات الكحولية يوم السبت ويقوم بتمارين رياضية يوم الأحد، لأننا كبرنا مع هذه النماذج الاجتماعية التي لا تفرض الانتماء لحزب معين.
كيف تصور علاقتك بالجسد؟
أظن أن من شاهد أفلامي يعرف أنه ليست لدي عقدة مع الجسد، بل أحاول توظيفه بلباسه وعريه وبما يوحي إليه في مجتمعنا.. وهذا يطرح سجالا لأنه يعكس الحرية، من خلال ممارسات عنيفة أو جنسية.. وهو أمر يرفضه عديدون لأنهم يعتبرون أنه ينبغي للجسد أن يكون مستورا بملابس، ولهذا يتجهون نحو أسهل الطرق المتمثلة في الرفض وعدم القبول لأنهم لا يفهمون كيف يوظف الجسم ككتابة.