أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

“أنا ابن إيران”.. هل فقد بنكيران السيطرة على لغته أم كشف عن حقيقته؟

“أنا ابن إيران”.. هل فقد بنكيران السيطرة على لغته أم كشف عن حقيقته؟

الدار/ إيمان العلوي

في كلمة مشحونة بالغضب والانفعال خلال المؤتمر الجهوي لحزب العدالة والتنمية بالدار البيضاء، خرج عبد الإله بنكيران عن جلبابه، ليبرز اعتزازه بلقب “ابن إيران” في سياق دفاعه عن موقف طهران من القضية الفلسطينية، قبل أن يعود ليهاجم إيران نفسها ويصفها بالساعية للهيمنة على المنطقة.

تناقض صارخ في المواقف، يعكس ارتباكاً سياسياً أكثر منه وضوحاً مبدئياً.

حين يعلن زعيم سياسي ، أمام جمهور حزبي، أنه “ابن إيران” لأنه وقف معها حين واجهت إسرائيل، ثم لا يلبث أن يصفها بأنها “غلطانة” و”تسعى للهيمنة”، فإننا لا نكون أمام قراءة سياسية ناضجة، بل أمام خطاب تتقاذفه المزاجية والانفعالات. بنكيران بدا كمن يحاول شد الانتباه بأي ثمن، حتى لو كان ذلك عبر تصريحات متناقضة تشكك في صدقيته أمام الرأي العام.

اللافت أن بنكيران حاول أن يمنح عبارته المثيرة “ابن إيران” طابعاً رمزياً، مرتبطاً بموقف مناصر لفلسطين، لكن اختياره لهذا التعبير في هذا الظرف الإقليمي والدولي المعقد، لا يمكن قراءته خارج سياق التوترات التي تعرفها علاقات المغرب بإيران، وما يُعرف عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية، ومنها المغرب.

من الواضح أن بنكيران لم يكن بصدد تقديم موقف استراتيجي متزن بخصوص الصراع العربي-الإسرائيلي أو مستقبل القضية الفلسطينية، بل استغلها كوقود لتصفية حسابات مع خصومه في الداخل، إذ وصف من يخالفونه الرأي بأوصاف شديدة العدوانية: “حشرات”، “عملاء لإسرائيل”، و”مرتزقة”. هذه اللغة المتشنجة تكشف عن أزمة أخلاقية قبل أن تكون سياسية، وتدل على غياب أي رغبة في بناء نقاش ديمقراطي رصين داخل الحزب وخارجه.

بنكيران ليس جديداً على التصريحات الملتبسة، لكن ما يزيد من خطورة خطابه هذه المرة هو توظيفه المكشوف للدين والنصوص الدينية بطريقة تخدم نزعة شعبوية، تخلط بين المواقف الشرعية والولاءات السياسية. ففي حين يستحضر آيات قرآنية لتأكيد وحدة الأمة الإسلامية، يهاجم أبناء جلدته بشكل فج، ويهددهم حتى في مماتهم: “من سيمشي في جنازتكم؟”.

هذا الانزلاق الخطير في الخطاب يعكس أزمة قيادة أكثر من كونه مجرد زلة لسان، ويضع حزب العدالة والتنمية أمام تحدٍ كبير: هل سيواصل تغذية هذه النبرة الانفعالية التي تهدم أكثر مما تبني؟ أم سيعيد النظر في أسلوب زعيمه الذي يخلط بين المنبر الدعوي والمنبر الحزبي، وبين العقيدة والانتماء الحزبي الضيق؟

ما قاله بنكيران في المؤتمر الجهوي لم يكن مجرد “خطاب تحفيزي”، بل كان مرآة لعجز سياسي عن مواكبة تحولات الساحة الوطنية والدولية، واختباء وراء الشعارات الكبرى لتبرير التراجع والخذلان. أما استحضار “إيران” في هذا السياق، فهو ليس موقفاً سيادياً أو مبدئياً، بل مجرد ورقة أخرى في لعبة الانفعال السياسي الذي فقد بوصلته.

زر الذهاب إلى الأعلى