أخبار دوليةسلايدر

تحذيرات دولية من التمدد الإيراني في شمال إفريقيا… هل تضع بريطانيا “البوليساريو” على لائحة الإرهاب؟

الدار/ مريم حفياني

تتصاعد المؤشرات حول احتمال إقدام المملكة المتحدة على خطوة غير مسبوقة: تصنيف ميليشيا “البوليساريو”، المدعومة من طهران، كمنظمة إرهابية.

فمنذ سنوات، يتّضح بشكل متزايد كيف توظف إيران حلفاءها من الجماعات المسلحة لزعزعة استقرار مناطق استراتيجية، بدءاً من الشرق الأوسط وصولاً إلى إفريقيا. لكن الجديد في هذا السياق هو ما كشفته تقارير وتحليلات أمنية غربية تفيد بأن إيران قد نقلت جزءاً من نشاطها غير التقليدي إلى منطقة المغرب العربي، مستغلةً هشاشة بعض الأوضاع الإقليمية وتنامي التوترات في المنطقة.

ميليشيا البوليساريو، التي طالما تلقّت الدعم السياسي والمادي من الجزائر، أصبحت منذ سنوات محط اهتمام استخباراتي دولي بسبب تقارير تتحدث عن تسلّحها عبر قنوات غير نظامية وتورط عناصرها في شبكات تهريب وارتباطات محتملة بجماعات إرهابية تنشط في الساحل والصحراء. الجديد هذه المرة هو الاشتباه الجدي في ارتباطها بالحرس الثوري الإيراني، ما يمثل تصعيداً خطيراً يتجاوز مجرد الدعم السياسي إلى شراكة عسكرية واستخباراتية.

الباحث في الشؤون الأمنية البريطانية، مايكل ستيفنز، أشار في تصريحات لصحف أوروبية إلى أن “التحقيقات الجارية داخل بعض الدوائر الأمنية البريطانية خلصت إلى وجود معطيات موثوقة عن دعم إيراني مباشر للبوليساريو، سواء من حيث التدريب أو الوسائل التقنية”، مضيفاً أن “هذا النوع من التعاون لا يمكن اعتباره شأناً محلياً أو إقليمياً، بل هو تهديد للأمن القومي الأوروبي نفسه”.

التحرك البريطاني، إن حصل، لن يكون معزولاً عن السياق الدولي، فالمواقف الأوروبية بدأت تتغير تدريجياً تجاه البوليساريو بعد سنوات من الحذر والتردد. وفي حال صنّفتها لندن كمنظمة إرهابية، فإن ذلك سيضع الحركات الانفصالية في شمال إفريقيا، والدول الداعمة لها، تحت المجهر الدولي بشكل غير مسبوق، ويفتح الباب أمام سلسلة من الإجراءات القانونية والدبلوماسية والمالية قد تشمل تجميد الأصول وملاحقة المتورطين في تمويل وتسليح الحركة.

الخطوة البريطانية المحتملة تأتي أيضاً ضمن إطار أوسع لمواجهة الحرب غير المتكافئة (asymmetric warfare) التي تنتهجها طهران عبر أذرعها المنتشرة في مناطق النزاع، حيث لم تعد الحرب الإيرانية غير التقليدية تقتصر على “حزب الله” في لبنان أو الميليشيات الشيعية في العراق، بل بدأت تتمدد جغرافياً لتبلغ الضفة الأخرى من المتوسط، مما يطرح تساؤلات مقلقة حول استراتيجية إيران في المرحلة المقبلة.

المغرب، من جانبه، لطالما نبّه المنتظم الدولي إلى خطورة تغاضي بعض القوى الكبرى عن العلاقة المشبوهة بين “البوليساريو” ومحاور التوتر، وعلى رأسها إيران. وكان القرار المغربي سنة 2018 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، بعد توثيق دعمها العسكري المباشر للبوليساريو عبر “حزب الله”، بمثابة ناقوس خطر سبق أن قوبل بتردد غربي. إلا أن التطورات الأخيرة تؤكد أن الرباط كانت محقّة في مخاوفها، وأن أمن شمال إفريقيا لم يعد بمعزل عن حسابات الصراعات الكبرى.

في المحصلة، ما يدور اليوم في الكواليس الدبلوماسية والأمنية الغربية يعكس تحوّلاً في التعاطي مع “البوليساريو” كعنصر تهديد دولي، لا مجرد ملف نزاع إقليمي. وإذا ما أقدمت لندن على اتخاذ قرارها المرتقب، فإن تداعياته ستتجاوز بكثير مجرد التصنيف الرمزي، وقد تعيد رسم خريطة التحالفات والمواقف في المنطقة المغاربية لعقود قادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى