دور الملك محمد السادس والمغرب في صمود المقدسيين.. الشرقاوي يكشف في حوار شامل مع الدار التفاصيل

حاوره/ مريم حفياني وأحمد البوحساني
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه مدينة القدس وسكانها، يظل الدور المغربي بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، محط إشادة إقليمية ودولية لما يتسم به من توازن بين العمل السياسي والدبلوماسي والدعم الميداني المباشر. ومن أبرز آليات هذا الدعم، تبرز وكالة بيت مال القدس الشريف، التي تنفذ مشاريع تنموية وإنسانية وثقافية لصالح المقدسيين، وتتصدى لمحاولات طمس الهوية التاريخية والحضارية للمدينة.
في هذا الحوار الخاص، التقت “الدار” مع الدكتور محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بوكالة بيت مال القدس الشريف، للوقوف على تفاصيل الجهود المغربية المبذولة لدعم صمود المقدسيين وكشف التحديات التي تواجه الوكالة في ظل الأوضاع الراهنة.
الدار: مرحبًا دكتور سالم الشرقاوي، وشكرًا لمنحنا هذه الفرصة للحديث عن دور المغرب في القدس.
الشرقاوي: شكرًا لكم، العلاقات المغربية الفلسطينية تاريخية وتمتد لأكثر من ألف عام، وتطورت عبر التحولات التي شهدها الشرق الأوسط. منذ عهد الملك محمد الخامس رحمه الله، الذي أولى القدس وفلسطين عموماً اهتماماً خاصاً، مروراً بعهد الملك الحسن الثاني رحمه الله، الذي دعم القضية الفلسطينية والمؤسسات الفلسطينية، وصولاً إلى عهد الملك محمد السادس حفظه الله، تستمر المملكة في دعم القدس ومقدسيها.
الدار: ما أبرز التحديات التي تواجه الوكالة اليوم؟
الشرقاوي: نعمل في بيئة متحركة تتسم بتقلبات أمنية معقدة، خصوصاً بعد أحداث أكتوبر 2023 والعدوان المستمر على غزة، ما أثر على حركة المؤسسات بشكل عام. التحدي الثاني هو محدودية الموارد المالية، حيث تظل الإمكانيات التمويلية للوكالة محدودة، والمملكة المغربية هي الممول الأساسي لمشاريعنا.
الدار: كيف تضمن الوكالة وصول المساعدات إلى المستفيدين رغم القيود الإسرائيلية؟
الشرقاوي: نتبع معايير الإدارة المالية الدولية ونلتزم بالقوانين المحلية، ونتعامل مباشرة مع المستفيدين والمقاولين والجمعيات لضمان الشفافية والكفاءة. كما تتوفر للوكالة مكاتب في رام الله والقدس لمتابعة تنفيذ المشاريع، حيث تم تنفيذ أكثر من 200 مشروع كبير خلال السنوات الماضية بقيمة تقارب 80 مليون دولار، معظمها تمويل مغربي.
الدار: وما أبرز المشاريع التي نفذتها الوكالة؟
الشرقاوي: تشمل المشاريع الثقافية، مثل المركز الثقافي المغربي في البلدة القديمة، وخمس مدارس مغربية، بالإضافة إلى دعم المؤسسات الصحية والمبيت للأطفال الفلسطينيين من غزة، وبرامج التنمية البشرية، ودعم المشاريع الشبابية والمقاولات الناشئة، وتنظيم المخيمات الصيفية وجوائز التلاميذ، إضافة إلى كرسي الدراسات المغربية في جامعة القدس لتعزيز التواصل العلمي والمعرفي بين الجانبين.
الدار: كيف تحافظ الوكالة على الهوية الثقافية والدينية للقدس؟
الشرقاوي: الحفاظ على الهوية الحضارية للقدس محور أساسي لعمل الوكالة، باعتبارها مدينة للديانات الثلاث السماوية، ويجب أن يعيش أهلها بأمان ويتمكن كل فرد من ممارسة طقوسه بحرية. كما يعكس التعاون بين المغرب والفاتيكان، مثل إعلان “نداء القدس” عام 2019، التزام المغرب بالتعددية الدينية والحفاظ على الهوية الفلسطينية الإسلامية والمسيحية، مع احترام الوجود اليهودي التاريخي في المدينة.
الدار: هل هناك برامج تعليمية مخصصة للقدس؟
الشرقاوي: نعم، تشمل دعم المدارس والجامعات المقدسية، وتقديم منح دراسية للطلاب في فلسطين والمغرب، وتشجيع تعلم لغات مختلفة لضمان التواصل والمعرفة المتبادلة.
الدار: وما هي مصادر التمويل؟
الشرقاوي: التمويل الأساسي يأتي من المملكة المغربية، إضافة إلى مساهمات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والمؤسسات الاقتصادية، والجمعيات والأفراد. حاليًا يصل حجم التمويل السنوي للمشاريع بين 4 و5 ملايين دولار، يتم صرفها مباشرة للمستفيدين دون اقتطاعات.
الدار: كيف توازن الوكالة بين التدخل الإنساني العاجل والمشاريع التنموية المستدامة؟
الشرقاوي: نتبع استراتيجية تشمل برامج ثابتة سنويًا، مثل دعم التعليم، المؤسسات الصحية، الأيتام والأرامل، بالإضافة إلى برامج تنمية الشباب والثقافة والرياضة، مع متابعة مستمرة لتقييم الأثر على الأرض.
الدار: ما خططكم المستقبلية لتعزيز دور الوكالة؟
الشرقاوي: نواصل تنفيذ برامجنا السنوية مع استحداث مبادرات جديدة لمواكبة التحولات في القدس والشرق الأوسط، مع التركيز على دعم المؤسسات الفلسطينية ومواجهة التحديات اليومية لضمان استدامة صمود المقدسيين.
الدار: ما رسالتكم للمجتمع الدولي بشأن حماية الوضع القانوني والتاريخي للقدس؟
الشرقاوي: قوة القدس تكمن في تعدديتها، وضرورة الحفاظ على وضعها القانوني وهويتها الحضارية للأجيال القادمة، مع احترام حقوق جميع الديانات السماوية، وتوفير بيئة آمنة لممارسة الطقوس الدينية بحرية وسلام.