انقلاب في جنوب إفريقيا : من دعم البوليساريو إلى الاعتراف مغربية الصحراء

بقلم/ياسين المصلوحي
لا يتعلق الامر هنا بانقلاب عسكري كما جرت العادة في معظم الدول الافريقية ، وإنما انقلاب ديبلوماسي مهم حيث شكّل استقبال السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، للسيد جاكوب زوما، رئيس جنوب إفريقيا السابق ورئيس حزب MK الحالي، علامةً فارقة في المسار الدبلوماسي بين البلدين.
وقد أتى هذا الاستقبال كمحطةٍ أخرى من محطات إعادة الدفء للعلاقات المغربية – جنوب إفريقية، التي عادت إلى الدينامية منذ لقاء الملك محمد السادس بجاكوب زوما، عندما كان لا يزال رئيسًا لجنوب إفريقيا سنة 2017، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي – الاتحاد الأوروبي، التي انعقدت بساحل العاج.
كما أن اللقاء يُعدّ تفاعلاً إيجابيًا مع الموقف الجديد للحزب الذي يرأسه جاكوب زوما، والذي كان يُصنَّف من بين أكبر القوى المعادية للوحدة الترابية الوطنية، وداعمًا مطلقًا لجبهة البوليساريو عسكريًا ودبلوماسيًا وماديًا. إلا أن هذا الموقف عرف انعطافًا جذريًا، عندما أعلن الحزب، رسميًا في شهر يونيو 2024، في وثيقة سياسية رسمية، دعمه لمقترح الحكم الذاتي، واعترافه بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية، بسبب ما قدمه الحزب في شكل “شراكة استراتيجية من أجل وحدة إفريقيا، التحرر الاقتصادي، واحترام السيادة الترابية: المغرب نموذجًا”، دافع فيها عن شرعية الطرح المغربي، مستعرضًا الحجج التاريخية والقانونية لسيادة المغرب على الصحراء.
كما تطرّقت الوثيقة السياسية للحزب، الذي يشكّل مكونًا رئيسيًا في المشهد الحزبي والسياسي لجنوب إفريقيا، وتقلّد مسؤولية الحكم لسنواتٍ طويلة، إلى الدور الريادي الذي لعبه المغرب خلال فترة الكفاح ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، مشيرةً إلى أن المغرب كان أول بلد قدّم دعمًا ماليًا وعسكريًا لحركة «MK» منذ سنة 1962. وهو ما يُعتبر مراجعة فكرية ودبلوماسية مهمة في طبيعة العلاقات بين الدولتين.
وبقدر ما يشكّل هذا الموقف انفراجًا مهمًا في الروابط الدبلوماسية بين الطرفين، ودرجةً جديدة في سُلّم تطوّر العلاقة وتمتينها، بقدر ما يُشكّل ضربةً موجعة لمرتزقة البوليساريو وتضييقًا عليها، وكذلك تكريسًا للعزلة الدبلوماسية والسياسية لقصر المرادية، الذي يحاول كسب الدعم للجبهة الانفصالية، واستمالة المواقف الرسمية للدول مهما كلّف ذلك من ثمن، باعتباره الأب غير الشرعي للقيط الانفصالي.
ولعل أبرز مثالٍ على ذلك، هو الرشوة المغلّفة في قالب اقتصادي، التي حاولت الجزائر تقديمها للولايات المتحدة الأمريكية من خلال ورقة النفط والغاز والمعادن، التي تحاول تقديمها كقربانٍ للشركات الأمريكية العملاقة، من أجل استمالة اللوبيات الأمريكية، ومحاولة التأثير على الموقف الأمريكي الرسمي من قضية الصحراء المغربية. حيث تطورت الأمور من استمالة مؤيدين جدد وحشد الدعم، إلى خسارة الحلفاء التقليديين، وفقدان الأساسات التي كانت تبني عليها البوليساريو، ومعها الجزائر، سرديتهم الانفصالية، التي يُعتبر انهيارها مسألة وقتٍ ليس إلا، في ظل الاكتساح السياسي والدبلوماسي الذي يحققه المغرب بفضل السياسة الرشيدة للملك محمد السادس، نصره الله.