المغرب.. أقدم أصدقاء أمريكا وركيزة في مسار العلاقات التاريخية
المغرب.. أقدم أصدقاء أمريكا وركيزة في مسار العلاقات التاريخية

الدار/ مريم حفياني
منذ البدايات الأولى للجمهورية الأمريكية، كان المغرب حاضراً في صفحات الصداقة والدبلوماسية، ليس كطرف عابر، بل كأول بلد يعترف رسميًا بالولايات المتحدة سنة 1777، في لحظة كانت فيها الأخيرة تخوض معركة استقلالها عن التاج البريطاني. سلطان المغرب آنذاك، محمد الثالث، فتح موانئ بلاده أمام السفن الأمريكية، في بادرة شجاعة هدفها تشجيع التبادل التجاري مع هذا الكيان الوليد، وهي خطوة لم تأتِ فقط لتعزيز المصالح، بل كانت أول اعتراف دولي بسيادة أمريكا الناشئة.
رغم أن العلاقات التجارية الرسمية بين البلدين تأخرت بعض الشيء، فإن الإرادة السياسية كانت حاضرة في رسائل الكونغرس القاري الثاني سنة 1780، التي أعرب فيها عن رغبته في السلام والصداقة مع المغرب. وبعد مفاوضات متقطعة، جاءت معاهدة السلام والصداقة لعام 1786، لتُرسي أسس أطول علاقة ثنائية مستمرة في تاريخ الولايات المتحدة، علاقة صمدت أمام تقلبات الزمن وتحولت إلى شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد.
خلال هذه العقود، لم تكتفِ الرباط وواشنطن بإبرام اتفاقيات، بل رسّختا رموزًا للعلاقات العريقة، أبرزها منح المغرب لأمريكا أحد أرقى مباني طنجة القديمة، الذي أصبح لاحقًا مقر البعثة الأمريكية لأكثر من 140 عامًا، وتحول اليوم إلى معلم ثقافي وتاريخي يحمل اسم “مقر البعثة الأمريكية بطنجة”، وهو الموقع التاريخي الوطني الوحيد للولايات المتحدة خارج أراضيها، ودليل على عمق العلاقات بين الشعبين.
في الحرب العالمية الثانية، وقف الجنود الأمريكيون والمغاربة جنبًا إلى جنب في التصدي للنازية بشمال إفريقيا. واليوم، يواصل البلدان التعاون العسكري، من خلال المناورات المشتركة والشراكة في محاربة الإرهاب، ما يجعل العلاقة الثنائية أكثر من مجرد تحالف تقليدي.
كما لا يمكن تجاهل الدور المغربي في محطات السلام الإقليمي، فقد كان المغرب من الدول التي انضمت إلى اتفاقات أبراهام عام 2020، في إطار اتفاق أمريكي رعاه البيت الأبيض لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وخلال زيارة أجراها وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في أبريل الماضي، أشاد بدور المغرب الريادي في تعزيز مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين وشعوب المنطقة كافة.
وبينما تستعد الولايات المتحدة للاحتفال بذكرى 250 عامًا على إعلان استقلالها، لا تزال المملكة المغربية حاضرة بقوة كصديق قديم وموثوق، أثبت أن الجغرافيا ليست عائقًا أمام الصداقة، وأن القيم المشتركة يمكن أن تصنع تحالفات أبدية.