أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

الفوضى لا تنصر فلسطين والفتنة لا تخدم القضايا الإنسانية العادلة

الفوضى لا تنصر فلسطين والفتنة لا تخدم القضايا الإنسانية العادلة

الكل يتتبع المظاهرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني التي تشهدها عدد من المدن المغربية عبر الإعلام وعبر مختلف وسائل التواصل الإجتماعي ، وكل العالم وقف على واقع حرية التعبير والتظاهر التي تنعم بها المملكة المغربية.غير أنه يحق لنا أن نتوقف، و من منطلق الحرص على المصلحة الوطنية، عند سؤال جوهري، هل نحن إزاء وقفة تضامنية مع مأساة إنسانية؟ أم محاولة مكشوفة لاستغلال تلك المأساة لتمرير أجندات سياسية تهدد وحدة الصف الداخلي؟

إن المغرب بملكه محمد السادس نصره الله وأيده رئيس لجنة القدس، وبشعبه الوفي للملك وللوطن ولقيم السلام والإنسانية، لم يتخلف يوما عن دعم القضية الفلسطينية، وهو دعم نابع من قناعة راسخة و موقف تاريخي ثابت، تتجلى معالمه في الدعم الإنساني المستمر بالواقع وليس بالمواقع، وبالفعل الواضح وليس بمجرد الصور أو الركوب على قضايا الجيران .
نعم المغرب بمواقفه السياسية المتوازنة، وبدبلوماسيته الفعالة التي يقودها جلالة الملك، بوعي ومسؤولية وحكمة، وهو دعم لا يحتاج إلى مزايدات في الفضاءات العمومية، ولا إلى شعارات جوفاء تستغل من أطراف مشبوهة لتغذية الفوضى وإستهداف مؤسسات الدولة.

لقد ظهر في بعض الوقفات، وللأسف من يحاول أن يحول المأساة الفلسطينية إلى فرصة لبث الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، من ترويج شعارات عدائية ضد الدولة، وتحريض مفضوح على إستهداف “المخزن”، وكأن الوطن هو الخصم، وليس الإحتلال الصهيوني. إنه تحريف خطير لبوصلة التضامن، ولا علاقة له بفلسطين ولا بعدالة قضيتها، بل يعكس استغلالا سياسويا مكشوفا لأزمة إنسانية لأهداف ضيقة وخبيثة.

إن الدفاع عن فلسطين لا يجب أن يكون على حساب إستقرار البلاد، ولا أن يستخدم كذريعة لتأجيج الإحتقان أو ضرب وحدة الوطن ومؤسساتها. فحرية التعبير مكفولة بالدستور نعم، ولكنها لا تعني التحريض على الفتنة والمس بالثوابت الوطنية، ولا إستغلال الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية لإضعاف الثقة في الدولة، أو لزرع الشك في نفوس المواطنين.
والمخزن، كمفهوم سيادي تاريخي، ليس شعارا لتصفيات حسابات سياسية، ولا عدوا يجسد في لافتات موجهة بخبت من يلعبون لعبة الخفافيش. إنه عمق الدولة المغربية وإمتدادها التاريخي، وضامن إستمراريتها وإستقرارها. ومن العبث إختزاله في مصطلحات تحقيرية يراد بها التهييج، خاصة من جهات لا تخفي عداءها للمغرب، ووحدته وشرعيته.

على كل القوى الوطنية الصادقة، من أحزاب سياسية ونقابات وجمعيات مدنية ومواطنين، أن تنتبه لهذه المناورات البئيسة، وأن تضع مصلحة الوطن فوق كل إعتبار.
فلسطين لا تحتاج إلى فوضى في المغرب للدفاع عنها، فهاهم اليوم أهل غزة والضفة ينوهون ويتمنون جهود ملك المغرب رئيس لجنة القدس، الذي إستطاع كسر جدار الحصار لأيصال المساعدات برا وجوا، ولا المغاربة سيقبلون ولن يقبلون طبعا ، أن تستغل معاناة الأبرياء هناك لتنتهك في حرب شعارات تفتقد للحد الأدنى من الوطنية الصادقة.

ختاما ، جبهة الوطن الداخلية موحدة متراصة وواعية بالرهانات، ومتسلحة بالحكمة و بالتبصر ، جبهة لن تقبل بأن يتطاول على وحدتها وعلى الوطن أي نكرة مندفع، والمغرب لن يقبل أبدا بأي تعبئة مشبوهة وغير مسؤولة.
ومن يرد أن يخدم فلسطين، فليخدم بلاده أولا وغزة والضفة وكل فلسطين ، لأن الوطن القوي هو الداعم الحقيقي لكل الأوطان وعلى رأسها فلسطين الحرة بحل الدولتين، إنتهى الكلام .

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى