علوم وتكنولوجيا

تقنية جديدة تحول البلاستيك الأسود السام إلى سلعة ثمينة

يعتبر البلاستيك الأسود من أكبر التحديات التي تواجه إعادة تدوير النفايات اليوم، وقد تمكّن الباحثون مؤخرا من تطور تقنية تحوّله إلى سلعة أساسية ثمينة.

ففي مقاله الذي نُشر في مجلة "فاست كومباني" الأميركية، سلط الكاتب مارك ويلسون الضوء على مضار البلاستيك الأسود الذي يحتوي على جميع أنواع المواد الكيميائية الضارة، كما أشار إلى الاكتشاف الجديد الذي يتيح الاستفادة منه.

وينبع أصل المشكلة من التكنولوجيا المستخدمة في مراكز إعادة تدوير النفايات، حيث تواجه هذه المراكز صعوبة في تحديد وفرز البلاستيك الأسود من المواد البلاستيكية الأخرى، وهو ما يعني أن غالبية البلاستيك الأسود الذي يصل إلى هذه المراكز يُلقى به في سلة المهملات بدلا من تحويله إلى منتجات جديدة.

وأوضح الدكتور أندرو تيرنر من جامعة بليموث أن احتواء البلاستيك الأسود على الرصاص ومثبطات اللهب مثل البروم، يحول دون إعادة استخدامه.

وجدير بالذكر أن الملاعق المستخدمة لتحريك القهوة وخراطيم الحديقة وغيرها من المنتجات، أصبحت تحتوي على إضافات سامة تتجاوز الحد القانوني المسموح به، كما أن التعرض المستمر للبروم يمكن أن يسمم الدماغ والكليتين، في حين يمكن للرصاص أن يعيق النمو البدني والعقلي.

واكتشف الباحثون طريقة لتحويل نفايات البلاستيك الأسود إلى أسلاك كهربائية، وذلك عبر تحويل الكربون الموجود فيه إلى أنابيب نانوية كربونية، وهي عبارة عن أسطوانات صغيرة مصنوعة من أصداف كربونية أحادية الذرة، تكون قادرة على توصيل الكهرباء. وبهذه الطريقة يمكن صنع ألياف الكربون أو الغرافين، وهي مواد تستخدم في صناعات الفضاء بسبب قوتها العالية ووزنها المنخفض. 

وتبدأ العملية بتسييل البلاستيك في مذيب، ثم وضعه في فرن بدرجة حرارة تبلغ 750 درجة مع نوع من أنواع الحديد الذي يؤدي دور محفز للتفاعل. ويتحول البلاستيك إلى الأنابيب النانوية الكربونية التي تكون قادرة على نقل الكهرباء.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحويل البلاستيك لأنابيب نانوية، ولكن سهولة ومرونة هذه العملية تعتبر الاكتشاف الرئيسي للتقنية الجديدة.

ومن المتوقع أن تكتشف الأبحاث الإضافية المزيد من تركيبات البلاستيك التي يمكن استخدامها، وتعمل على تحسين أداء الأنابيب النانوية.

أما بالنسبة للتأثير البيئي المحتمل لإعادة تدوير البلاستيك الذي يحتوي على كل أنواع الشوائب، فإن أي مكونات كربونية في البلاستيك ستتجه إلى هيكل الأنابيب النانوية، مما يعني أن المعادن الثقيلة -مثل الرصاص- ستحترق وتلتقطها مرشحات جسيمات الهواء العالية الكفاءة المثبتة في الفرن.

بالنسبة للتأثير العملي للأسلاك المصنوعة من البلاستيك، فإن معظم الأسلاك اليوم مصنوعة من النحاس الذي يعتبر موصلا ممتازا للطاقة الكهربائية، ولكنه أيضا ثقيل للغاية ويولد الكثير من الحرارة خلال عملية نقل الطاقة، وغالبا ما يتمدد ويذوب تدريجيا مع مرور الوقت. 

وعلى الرغم من أن الأسلاك النانوية الكربونية المعاد تدويرها تعتبر أقل فعالية في نقل الطاقة، فإنها تعمل بشكل جيّد وتتسم بمرونة أكثر، كما أنها خفيفة الوزن مما يجعلها خيارا أرقى للتطبيقات المرتبطة بالوزن مثل هندسة الطيران والفضاء الجوي، حيث ستكون الأنابيب النانوية بديلا أفضل لتشغيل العديد من معدات الطيران.

فضلا عن ذلك، يمكن أن تتيح دفن المزيد من أسلاك البنية التحتية الطويلة الممتدة، لأن الأسلاك النحاسية تحت الأرض معرضة لارتفاع درجة حرارتها والذوبان تدريجيا في ظل عدم وجود أنظمة تبريد فعّالة.

وسواء نجح المشروع الجديد أم لا، فهو يوضح حقيقة مهمة ألا وهي أنه في الوقت الذي ندفن فيه النفايات البلاستيكية السوداء السامة تحت الأرض، يمكننا اكتشاف طرق جديدة لتحويل هذه النفايات إلى مواد مفيدة في المستقبل ونجعل عالمنا مكانا يطيب فيه العيش.

المصدر / الصحافة الأميركية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى