أخبار الدارسلايدر

وداع حزين…إن الوطن غفور رحيم: هل يفتح رحيل والد الزفزافي باب الانفراج في ملف الريف؟

وداع حزين…إن الوطن غفور رحيم: هل يفتح رحيل والد الزفزافي باب الانفراج في ملف الريف؟

بقلم: ياسين المصلوحي

شكل سماح المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج للمعتقل ناصر الزفزافي بالحصول على تصريح استثنائي للمشاركة في تشييع جثمان والده، أحمد الزفزافي، الذي وافته المنية بعد صراع طويل مع المرض، واستقبال التعازي في منزل أسرته، محطَّ اهتمام عمومي كبير. رغم أن ناصر كان قد سُمح له سابقا بعيادة والده ووالدته بسبب حالتهما الصحية.
وتعود قضية الزفزافي ومن معه إلى الواجهة، بعدما تم اعتقالهم على خلفية ما سُمِّي حراك الريف والمسيرات الاحتجاجية والمظاهرات التي عرفتها المنطقة سنة 2016، والتي كان آخر تجلياتها توقيف المتظاهرين لخطيب الجمعة ومنعه من إلقاء خطبة الجمعة. حيث، وبعد القبض على المتهمين، وُجِّهت لهم تهم ثقيلة متمثلة في: إضرام النار عمدا، ومحاولة القتل العمد، والمَس بالسلامة الداخلية للدولة، وتعييب وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، والضرب والجرح العمديين في حق عناصر القوة العمومية… وغيرها. أعقبتها أحكام قضائية خلفت ردود أفعال متباينة؛ بين من اعتبرها قاسية ومحاكمات سياسية، وبين من رأى أن القضاء التمس للمتهمين ظروف التخفيف، كون بعض التهم قد تصل عقوبتها للمؤبد.
ورغم أن المحتجين كانوا يطالبون في حراكهم بمطالب اجتماعية توصف بالمعقولة ومن أبسط الحقوق الاعتيادية، إلا أن حتى المطالبة بالحق تستلزم حدا أدنى من الرزانة والحكمة واحترام القانون، حتى لا تتحول المطالبة بالحقوق إلى انفلاتات أمنية وفوضى وأعمال تخريب؛ سواء من طرف المتظاهرين أو بعض البلطجية المحسوبين عليهم. ولعل من صور هذه الأعمال التخريبية، واقعة إضرام النار عمدا في بناية مخصصة لإيواء عناصر الشرطة بمنطقة بوسلامة بمدينة إمزورن يوم 26 مارس 2016، التي كان ضحيتها أكثر من 93 عنصرا من عناصر القوة العمومية، والذين تعرضوا لمحاولة القتل العمد والحريق العمدي والاختناق وتعييب ممتلكات عامة وخاصة.
وبغض النظر عن مدى نية الموقوفين في هذه الأفعال من عدمه، فإن الأحكام القضائية الصادرة استنفدت كل درجات التقاضي وحازت قوة الشيء المقضي به. لكن، من الجانب الحقوقي والإنساني، فإن المؤسسة السجنية تعتبر مركزا للتهذيب وإعادة التأهيل، ليس فقط من الناحية المادية، وإنما من الناحية المعنوية والفكرية أيضا. وهو ما حدث لمجموعة من المعتقلين الذين راجعوا أفكارهم وقناعاتهم داخل الزنازين ليخرجوا منها مختلفين تماما عما دخلوا إليها. ومن أبرزهم مجموعة من المعتقلين السلفيين الموقوفين على خلفية قضايا إرهابية خطيرة، وكانوا محكومين بعقوبات سجنية طويلة، لكن مراجعتهم لأفكارهم وقناعاتهم وتعبيرهم عن ذلك مَكَّن الدولة من العفو عنهم وإعادة إدماجهم في المجتمع، لإظهار أن السجن ليس فقط للعقاب وإنما أيضا للإصلاح وتصحيح المسار.
ويشكل الخطاب الذي ألقاه ناصر الزفزافي من سطح منزله يوم 04 شتنبر تعبيرا صريحا عن أفكاره ومعتقداته، حيث شدد فيه على تمسكه بالوحدة الترابية والمؤسسة الملكية، ومعبِّرا عن تضامن المغاربة، شعبا ومؤسسات، في الحالات التي يسود فيها الحزن وتعم فيها الفواجع. ويرى مجموعة من المتتبعين أن ملف معتقلي حراك الريف يعرف بروز بوادر للانفراج، خصوصا وأن الوطن كان غفورا مع بعض الانفصاليين الذين رفعوا السلاح في وجه القوات المسلحة الملكية وعادوا ليطلبوا الصفح والتجاوز، كما كان رحيما مع معتقلي السلفية كما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا. فكيف لا يكون غفورا رحيما مع بعض شبابه الذين احتجوا بحسن نية للمطالبة ببعض الحقوق، وانزاغ الحراك عن مساره، ليجدوا أنفسهم يقضون زهرة شبابهم وراء القضبان؟
إن المغرب معروف بشجاعته في التصالح مع ذاته من خلال عدة محطات؛ انطلاقا من الإفراج عن معتقلي تازمامارت، وحكومة التناوب، وهيئة الإنصاف والمصالحة التي تعتبر سابقة حقوقية وإنسانية. وبالتالي، فمن المؤكد أن أزمة معتقلي حراك الريف ستعرف طريقها للانفراج عاجلا أم آجلا.

زر الذهاب إلى الأعلى