
بقلم/ياسين المصلوحي
لاقى الخروج الإعلامي، الذي اختار له رئيس الحكومة أن يكون في منبر إعلامي عمومي يتمثل في القناتين الأولى والثانية، في لقاء تلفزي حواري تم بثه مساء العاشر من شتنبر الجاري، اهتماما كبيرا من طرف المتتبعين المتخصصين كما المواطنين العاديين، حيث كانت الانتظارات كبيرة من هذه الخرجة الإعلامية التواصلية لرئيس الحكومة.
وقد تضمنت هذه الخرجة، التي كانت مؤطرة بتنشيط وتساؤلات ومحاور أعدها محاوروه الصحفيون المهنيون بالقناتين المذكورتين، عدة قضايا مهمة استطاع رئيس الحكومة أن ينتقل بينها بسلاسة وانسيابية، حسب المتتبعين الذين لاحظوا ارتياحا ظاهرا على السيد عزيز أخنوش وهو يقدم حصيلة حكومته بالأرقام والمؤشرات. وهو نفس الارتياح الذي تعامل به بخصوص محاور وأسئلة يمكن وصفها بالمحرجة، خصوصا عندما تم التطرق لمسألة تكليف وزارة الداخلية بتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، أو قضية تضارب المصالح في ملف تحلية مياه البحر، وحتى في مدى تماسك وانسجام الأغلبية الحكومية، حيث استطاع التفريق بين القبعة السياسية لعزيز أخنوش كرئيس لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي من حقه الدعاية لحزبه، وقبعة رئيس الحكومة المكلف بتنزيل البرامج والمشاريع في إطار أغلبية حكومية تتقاسم نفس المسؤوليات. كما احترم حلفاءه ومعارضيه بخصوص التسابق السياسي، داعيا إلى العمل على التمييز بين الخطاب الموجه للمناضلين والمجهودات الحكومية للمسؤولين الحكوميين، معتبرا أن الحملات الانتخابية والدعاية السياسية لها زمنها بعد انتهاء آخر يوم من الولاية الحكومية.
وقد تطرق في هذا اللقاء إلى مجموعة من القطاعات بالأرقام والإحصائيات، من التربية والتعليم إلى الصحة والحماية الاجتماعية، وإعادة إعمار منطقة الحوز، ومشروع الدولة الاجتماعية، ومشكلة الإجهاد المائي، والقطاع الفلاحي، والقضايا المالية المتعلقة بالمديونية والعجز وفرص الشغل ونسبة النمو…
الرسائل غير المباشرة التي حملها السيد رئيس الحكومة، حسب المتتبعين، لا تقل أهمية عن الرسائل المباشرة، إذ استبطنت تدخلاته مجموعة من الإشارات، من خلال تعبيره عن التفاعل الإيجابي للحكومة مع مقترحات المعارضة الجادة والمسؤولة، دون تغليب لمنطق الأغلبية العددية، في إشارة إلى سياسة الباب المفتوح في وجه الجميع. كما أنه دحض كل الادعاءات التي كانت تروج لتشتت الأغلبية، خصوصا في وقت تعالت فيه التصريحات والتصريحات المضادة من طرف بعض صقور أحزاب الأغلبية.
هذا اللقاء الإعلامي لرئيس الحكومة أعاد إلى الأذهان خرجات إعلامية لسياسيين ورؤساء حكومات سابقين، على قلتهم، ممن كانت لهم الشجاعة في التواصل الإعلامي. حيث بادر أغلب المتتبعين والمشاهدين إلى مقارنة هذه الأسماء سواء من حيث الشكل أو المضمون. وتميزت هذه الخرجة بأسلوب بسيط وهادئ، دون تجريح أو صك اتهامات لأي طرف، ودون استغلال الفرصة للترويج للمنجزات على أنها منتج خالص له، أو تحميل الإخفاقات لعراقيل داخلية أو خارجية. كما أنها كانت غنية بالأرقام والمعطيات الكمية التي تمكن المشاهد من تكوين صورة مقربة عن وضع البلاد والتحديات التي تواجهها.
وبغض النظر عن الاتفاق من عدمه مع سياسة رئيس الحكومة أو إيديولوجية حزبه، فإن مبادرة الخروج في لقاء صحفي عمومي تعيد الاعتبار للقطب الإعلامي العمومي من جهة، وتُظهر جانبا من احترام مؤسسة رئاسة الحكومة للشعب المغربي وحقه في المعلومة من جهة أخرى. فما أحوج مجتمعنا للتواصل والحوار، خصوصا بين المواطنين ومن يسهر على تسيير شؤونهم اليومية.