سلايدرمغرب

لعبة النار.. من يتحمل مسؤولية الزج بشباب جيل Z في الشارع المغربي؟

الدار/ إيمان العلوي

خرجة جيل Z إلى الشوارع للتعبير عن غضبه من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، تطرح أسئلة عميقة حول الجهات التي دفعت بهذا الجيل، الذي لا يزال في طور التكوين والبحث عن هويته ومستقبله، إلى ساحات الاحتجاج في ظرف دقيق وحساس.

من الناحية الواقعية، لا يمكن إنكار أن مطالب الشباب تنبع من إحباطات متراكمة: البطالة، غلاء المعيشة، الشعور بالتهميش، وفقدان الثقة في المؤسسات التقليدية. غير أن تحويل هذه الطاقة الغاضبة إلى موجة احتجاجية مفتوحة دون تأطير أو قيادة واضحة جعلها معرضة للاختراق والانزلاق نحو الفوضى، وهو ما شهدناه بالفعل مع ظهور مجموعات إجرامية مدسوسة استغلت المظاهرات لارتكاب أعمال تخريب ونهب واعتداءات.

الخطير في المشهد هو محاولة بعض الأطراف، من الداخل والخارج، ركوب موجة الغضب الشبابي وتجييشه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مستغلة حماسة المراهقين وصغار السن الذين غالباً ما يفتقرون إلى التجربة السياسية والوعي الكامل بمخاطر الاصطدام مع أجهزة الدولة. وهنا تبرز الإشكالية: إذا كان من حق الشباب التعبير السلمي عن مطالبهم، فمن الواجب أيضاً حمايتهم من أن يتحولوا إلى وقود لصراعات سياسية أو أوراق ضغط في معادلات إقليمية ودولية.

في هذا السياق، تتحمل النخب السياسية والحزبية جزءاً كبيراً من المسؤولية، إذ تركت فراغاً رهيباً في الوساطة بين الدولة والمجتمع. وبدلاً من تقديم برامج جريئة تجيب عن انتظارات الأجيال الصاعدة، اختارت أسلوب المهادنة والاكتفاء بخطابات فضفاضة لا تقنع الشباب الذي يعيش يومياً صعوبة الحصول على عمل كريم أو فرصة تعليم جيد.

كما أن على الدولة أن تعترف بأن المعالجة الأمنية وحدها لن تكون كافية لاحتواء الأزمة، إذ لا بد من مقاربة شمولية تدمج الحوار السياسي، الإصلاح الاقتصادي، وتعزيز الثقة في المؤسسات.

الملك محمد السادس، بصفته الضامن لوحدة واستقرار البلاد، يظل الطرف الوحيد القادر على قيادة هذا المسار الإصلاحي من موقع قوة ورمزية تاريخية، لكن نجاح أي إصلاح مرهون بقدرة الفاعلين الآخرين على الانخراط بجدية بعيداً عن الحسابات الضيقة.

جيل Z ليس عدواً للوطن، بل هو مستقبل المغرب. لكن تركه بلا أفق ولا صوت مؤطر، ثم التنصل من مسؤوليته بعد إشعال نار الغضب في داخله، يشكل خطراً مضاعفاً.

فالمعادلة اليوم واضحة: إما تحويل طاقة هذا الجيل إلى قوة تغيير إيجابي عبر الإصلاح الحقيقي، أو تركه فريسة لمغامرات الفوضى التي لن يستفيد منها سوى أعداء الداخل والخارج.

زر الذهاب إلى الأعلى