أخبار الدار

تحليل إخباري: هل حان الوقت لحظر شبابيك النوافذ الحديدية ؟

الدار/ رشيد عفيف

في 26 أبريل 2006 اهتز الرأي العام المغربي إثر حادثة الحريق الهائل الذي أتى على مصنع "روزامور" للأفرشة بمنطقة ليساسفة بالدار البيضاء وراح ضحيته أكثر من 56 عاملة وجدن أنفسهن سجينات وسط محرقة مدمرة. وكان من أهم خلاصات هذه المأساة التي عصفت بعشرات الأرواح البريئة وبطريقة بشعة هو غياب معايير السلامة في بناية المصنع كمنافذ الطوارئ. لكن أخطر خلاصة توصلت إليها التحقيقات حينها هو تسييج جميع نوافذ المصنع بشبابيك حديدية حالت دون هروب العاملات من مصير الموت اختناقا أو حرقا. لقد كان بإمكان ضحايا "روزامور" كسر زجاج النوافذ والارتماء خارجا إنقاذا لأنفسهن لكن الشبابيك الحديدية حلت دون ذلك.

ويذكر مشهد الطفلة هبة التي ماتت حرقا أمس بمدينة سيدي علال البحراوي وهي جالسة على نافذة المنزل المسيجة بالمشهد ذاته الذي واجهته عاملات المصنع. فغياب منافذ الطوارئ في المنزل الذي تقيم به الطفلة وتسييج جميع نوافذ البيت بالشباك الحديدي لم يترك لها الفرصة لإنقاذ نفسها علما أن المنزل المحترق يقع في الطابق الأول مما يعني أنه كان بالإمكان إنقاذها لو لم تكن النافذة مسيجة. ويلجأ السكان عادة للشبابيك الحديدية في النوافذ إما لحماية الأطفال الصغار من خطر السقوط من الأعلى نحو خارج البيت، أو أحيانا اتقاء لشر اللصوص خصوصا عندما يتعلق الأمر بمنازل الأدوار السفلية.

هذه العادة ألفها سكان المدن على الخصوص في الأحياء الشعبية التي تفتقد لبعض الإلزامات القانونية التي تفرض الحفاظ على واجهات البناية من التشويه العمراني. لكن أخطر ما تمثله هذه الشبابيك الحديدية اليوم هو حؤولها دون إمكانية إنقاذ السكان من الموت المحقق في حال وقوع كوارث كالحرائق أو الانهيارات أو غيرها. وتعيق هذه الشبابيك الحديدية التي توضع على النوافذ بشكل يترك المجال أمام تسرب الهواء أي عملية إنقاذ محتملة يمكن أن تخوضها المصالح المختصة في مثل هذه الحالات. لكن هذا الشباك الحديدي لا يمكن أن يبرئ ساحة المسؤولين عن الوقاية المدنية في حالة الطفلة هبة إذ إن المشكل في مأساتها لا يتعلق فقط بعائق الشباك الحديدي وإنما أصلا بتأخر عناصر الوقاية المدنية في الوصول إلى موقع الحادث وضعف التجهيزات التي كانوا يتوفرون عليها لإخماد الحريق.

ومن المفترض أن يتوفر عناصر الوقاية المدنية على آلات مختصة في كسر الشبابيك الحديدية وفتحها بشكل سريع في حال نشوب حرائق بالنظر إلى أن هذه الظاهرة منتشرة بكثرة خصوصا في الأحياء الشعبية التي يعمد سكانها إلى تسييج نوافذهم لأسباب أمنية ولحماية أطفالهم من الوقوع. غير أنه من الواضح أن هناك حاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى للتفكير في حلول جذرية لهذه المشكلة التي تتكرر باستمرار خصوصا في حوادث الحرائق. ومن هنا يتعين على المشرعين اتخاذ مبادرات في هذا الاتجاه من أجل سن قوانين تفرض التقيد بمعايير السلامة والاحتياطات الأمنية اللازمة التي تسهل على السكان النجاة من مثل هذه الحوادث، وتيسر عمل مصالح الوقاية المدنية. ويبدو أن أبرز ما يمكن اتخاذه في هذا الإطار هو ضرورة التفكير في حظر الشبابيك الحديدية التي تحيط بالنوافذ بعد أن اتضح للجميع أنها عائق من عوائق النجاة والإنقاذ.

وتسائل مأساة الطفل هبة اليوم مصالح الإدارة الترابية والجماعات المحلية المسؤولة عن الترخيص للبنايات والمشاريع السكنية من أجل مراجعة إجراءاتها الخاصة بضمان الحد الأدنى من معايير السلامة ومنافذ الطوارئ وكذا حظر استعمال كل التجهيزات المعيقة للنجاة والإنقاذ، وكذا إقناع الساكنة بأن التفكير في معايير السلامة أولى من التفكير في "الزليج" والصباغة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى