خبراء: خلل البنى الاجتماعية.. وراء تفشي الاعتداءات على رجال الأمن
الدار/ صفية العامري
شهدت بعض المدن المغربية خلال الأسابيع الأخيرة، مجموعة من الاعتداءات التي تطال رجال الأمن أثناء اداء مهامهم الوظيفية، حيث يعمد بعض الجانحين إلى الدخول في مواجهة مع الشرطة، وآخرها في منطقة سيدي يوسف بن علي بمدينة مراكش والتي خلفت قتيلا وإصابة سبعة من رجال الأمن بجروح متفاوتة الخطورة.
حول هذه الظاهرة، اعتبر عادل بلعمري، باحث في سوسيولوجيا الإجرام، أن هذا السلوك ينم عن تحول جدري في نسق القيم الاجتماعية داخل المجتمع المغربي، حيثأصبحت هذه الاعتداءات قاسما مشتركا في مجموعة من المدن مثل: فاس وسلا والدارالبيضاء، ومراكش، لا سيما داخل أطراف وهوامش المدن. وأنحى المتحدث باللائمة على الوسط الاجتماعي، مشيرا إلى أن ما عرفته مدينة مراكش، يدخل في سياق التحولات السريعة التي تعرفها الهوامش خلال العقود الأربعة الأخيرة، نتيجة للتفكك الاجتماعي، والذي نعني به جملة من الاختلالات التي طرأت على النسق الثقافي للمجتمع المغربي ككل، والمرتبط بالديناميات التي مست الجوانب المتعلقة بقيم التنشئة، على مستوى أدوار الأسرة ووظائفها، والمدرسة، والفضاء العمومي، وقنوات الإعلام والاتصال، وهو الأمر الذي أصبح يؤثر على الضبط الاجتماعي ويصعب من مأمورية التدخلات الأمنية، تارة بفعل دينامية التحولات المجتمعية المتسارعة على المستوى الديموغرافي والعمراني والاقتصادي والإعلامي.
من جانبه، اعتبر محمد الزهراوي، أستاذ القانون بجامعة القاضي عياض، أن ظاهرة مواجهة المواطنين لرجال الأمن يمكن مقاربتها من زاويتين، الأولى تتعلق بتزايد طلب المواطنين لتدخل رجال الأمن لتوقيف بعض الجانحين والأشخاص، حيث لوحظ أن هذه الظاهرة برزت في مجموعة من المناطق التي تعتبر نقطا سوداء تفشت فيها الجريمة وحمل الأسلحة البيضاء فيما يهم الشق الثاني استعمال السلاح من أجل فرض احترام القانون.
وأرجأ محمد الزهراوي ما وقع في مدينة مراكش وفي مدن أخرى، إلى أنه ناتج عن عدم تعود المجتمع المغربي بعد، على التدخلات الأمنية المصحوبة باستعمال السلاح وربما إطلاق الرصاص إن اقتضى الحال، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية تحتاج إلى المزيد من التواصل، ومتسائلا عن كيف يواجه رجل أمن جانحا أو مجرما يحمل سلاحا أبيض، ويتصدى له مجموعة من المواطنين، مشيرا إلى أن عدم الامتثال لأوامر رجال الأمن يخول لهم إطلاق النار؛ والمواطن المغربي اليوم يحتاج إلى فهم واستيعاب مفهوم العنف المشروع لحماية الأرواح والممتلكات وهي قاعدة ترتبط بمفهوم الدولة، ويجب بدل مجهود كبير من أجل تعميم هذه المعلومة واقناع المواطنين وكافة الشرائح على أن الدولة تستعمل العنف من أجل مواجهة العنف، وهي مسألة عادية في جميع المجتمعات.
وأكد الزهراوي أن من بين الاختلالات التي تنتج بعض الظواهر المجتمعية، جهل المواطن بالقانون، مبرزا أهميته في توعية المواطن، خاصة وأن تفشي هذه التصرفات والمواجهات، دليل على غياب الوعي لدى المواطنين.