المواطن

أضحية وعطلة ومدرسة: قليل من النقد الذاتي.. للتغلب على الكثير من المشاكل

الدار – أحمد الخليفي

 

المغاربة الذين أمضوا عطلتهم الصيفية في مكان ما قبل العيد سيكونون أكثر حظا من أولئك الذين سيغادرون ميزانية الأضحى ليدخلوا مباشرة إلى ميزانية العطلة، ومباشرة بعدها سيلجون كهف ميزانية الدخول المدرسي.

وأضحت هذه الميزانيات السنوية المتتابعة ترهق الأسر المغربية، غير أن هناك الكثير من العادات المستحدثة التي دخلت الطقس السنوي للمغاربة، والتي صارت ترهق ميزانية الأسر.

ولم تكن العطلة الصيفية طقسا إجباريا بالنسبة للكثير من الأسر، حيث كان الكثيرون يكتفون بقضاء الصيف كيفما اتفق، وربما يدعون الله صباح مساء أن ينتهي بسرعة، وهو دعاء لا يزال كثيرون يمارسونه حتى اليوم.

اليوم، تبدو مطالب الأبناء في قضاء عطل هنا وهناك طقسا شبه إجباري، خصوصا للطبقات المتوسطة، التي تعتبر قضاءها للعطلة الصيفية شيئا شبيها بفريضة سادسة، يصعب التخلي عنها، لكن التخلي عن العطلة لصيف أو اثنين ليس، بالتأكيد، كارثة.

هناك أيضا ميزانية الدخول المدرسي، التي صارت مرهقة أكثر من اللازم، في ظل استئساد التعليم الخصوصي، الذي يصار يستقطب أعدادا كبيرا من التلاميذ، وهم ليسوا بالضرورة أبناء طبقات عليا أو متوسطة، بل استطاع هذا القطاع من التعليم استقطاب حتى أبناء الطبقات الفقيرة، التي يرفع أصحابها شعار "نجوع ويتعلم أبناؤنا"، وهو شعار لا يبدو أن التعليم الخاص، مؤهل لتحقيقه.

وبقدر ما تبدو هموم الأسر المغربية، فيما يخص الميزانيات السنوية معقولة، فإن هناك من يدعو إلى ممارسة نقد ذاتي حقيقي، عبر إعادة النظر في كثير من الطقوس التي صارت تعتبرها الأسر المغربي واجبا لا محيد عنه، من بينها ضرورة إعادة النظر في هوس المغاربة بشراء أضحية العيد، وهي سنة مؤكدة، لكننا جعلنا منها فريضة فوق العادة، أو العطلة السنوية التي قد تستغرق بضعة أيام، لكنها تحول السنة كلها على تفكير دائم.

ومن أهم نقاط المراجعة إعادة النظر في تفضيل التعليم الخصوص على المدرسة العمومية، خصوصا بعد أن تحولت الكثير من المدارس الخصوصية إلى ما يشبه "طريطورات" لا تتكلف فقط بـ"تعليم" التلاميذ، بل تتكفل بإطعامهم وتنظيم الحفلات لهم وإقامة المعارض والرحلات، بما فيها رحلات خارج الوطن، والتي تتطلب ميزانيات كبيرة لأسر مرهقة ماديا في الأصل.

الأسر المغربية التي منحت التعليم الخاص تفويضا عاما، وجدت نفسها في النهاية مجبرة، ليس فقط على أداء الواجب الشهري للدراسة، بل، أيضا، واجب الأكل والشرب والرحلات والمخيمات والحفلات، وأيضا مصروف الجيب اليومي لمحلات بقالة فتحت في قلب هذه المدارس، وزبناؤها الوحيدون، تلاميذها.

قليل من النقد الذاتي يكفي لأن نتغلب، ليس على كل المشاكل، بل على الكثير منها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − 6 =

زر الذهاب إلى الأعلى