أخبار دولية

الدلائل ترجّح.. هل تقف إسرائيل وراء الغارات ”الغامضة“ على العراق؟

تتبع إسرائيل سياسة الصمت إزاء غارات محتملة شنتها على أهداف إيرانية في العراق، رغم أن عددًا من السياسيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان قد ألمح إلى احتمال حدوث ذلك، طالما يتعلق الأمر بمكافحة الخطر الإيراني، بما في ذلك داخل الأراضي السورية أو العراقية.

وحاولت صحيفة ”معاريف“ العبرية العثور على دلائل يمكنها أن تؤكد أو تنفي وقوف إسرائيل وراء هجمات محتملة استهدفت ميليشيات موالية لإيران داخل العراق، وخلصت إلى أن الأمر وارد ولا يمكن استبعاده.

سياسة الصمت

وقال المحلل العسكري المخضرم يوسي ميلمان عبر تحليل نشرته الصحيفة، السبت، إن الغارات الغامضة التي استهدفت مؤخرًا مواقع لميليشيات موالية لإيران وتركت أصداءً واسعة حول العالم، لا سيما مع الحديث عن إمكانية وقوف إسرائيل خلفها، لم تجد من يعلق عليها رسميًا في الجانب الإسرائيلي، على خلاف الموقف حين يتم استهداف مواقع أو شحنات سلاح إيرانية أو تخص منظمة حزب الله داخل سوريا.

واحتفظت إسرائيل بسياسة الصمت إزاء الغارات التي كانت تشنها داخل سوريا، لكنها بعد ذلك، بدأت تتحدث علنًا عن وقوفها خلف هذه الغارات، لا سيما حين بدأ التدخل الروسي في سوريا قبل أربعة أعوام، وبدء الحديث عن تنسيق مشترك بين القوات الروسية والجيش الإسرائيلي في سوريا.

ولفت ميلمان إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يحتفظون فيما يتعلق بالأنباء عن شن غارات داخل العراق بصمت تام، ولا توجد تلميحات من الجهات العسكرية أو الاستخباراتية في هذا الصدد، حتى رئيس الوزراء نتنياهو يحاول التماسك ”حتى ولو لم ينجح في ذلك طوال الوقت“.

موقف العراق وإيران

وتتحلى حكومة العراق بضبط النفس ولا توجه اتهامات مباشرة إلى جهة محددة، حيث نشرت بيانًا الأسبوع الماضي تعقيبًا على انفجار مستودع الذخائر التابع للحشد الشعبي في العاصمة بغداد، من دون اتهام إسرائيل صراحة.

يشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أصدر قرارًا بحصر إصدار الموافقات على تحليق الطيران الأجنبي في القائد العام للقوات المسلحة أو من يخوله، مطلقًا يد القوات المسلحة بالتعامل بشكل فوري مع أي حركة طيران مخالفة لقرار رئيس الوزراء.

ووفق صحيفة ”معاريف“ لم تستطع طهران أيضًا الرد رسميًا لأن عملياتها العسكرية المباشرة في العراق أو غير المباشرة عبر ميليشيات موالية هي عمليات في النهاية ”غير قانونية“ وتنتهك السيادة العراقية، حيث اكتفت وسائل الإعلام في إيران باقتباس ما يرد في الإعلام العراقي أو إعلام دول أخرى.

سيناريوهات محتملة

وشهدت الشهور القليلة الماضية ثلاث هجمات على الأقل ضد مواقع قريبة من العاصمة بغداد وموقع آخر على مسافة 80 كيلومترًا من حدود العراق – إيران، كما أن قاعدة واحدة تعرضت للهجوم مرتين في تلك الفترة، هذا بخلاف استهداف مواقع ذخيرة وأسلحة داخل سوريا على مقربة من حدود العراق.

ولم يضع أي تقرير إعلامي يده على طبيعة الهجوم بشكل واضح، حيث لم يرد إذا ما كان القصف من الجو عبر مقاتلات أو طائرات من دون طيار أم قصف مدفعي أو عبر تسلل وزرع متفجرات وعبوات ناسفة بهذه المواقع.

وحدد المحلل العسكري الإسرائيلي سيناريوهات أولها أن تكون التفجيرات ناجمة عن أخطاء فنية، لكنه عاد وقلل من فرص حدوث ذلك في ثلاثة مواقع عسكرية أو أكثر بشكل متزامن، أي أنه استبعد فرضية أن تكون التفجيرات حادثة نتيجة إهمال أو تقصير أو غير ذلك.

ولم يستبعد المحلل تسلل مقاتلات إسرائيلية لتنفيذ غارات داخل العراق، في ظل امتلاك سلاح الجو مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية من طراز ”إف 35“ والتي يتردد أنها نفذت عمليات استخبارية في إيران نفسها، في وقت لا يمكن أن تكتشفها الرادارات في المسارات التي تمر منها.

ومن ضمن الفرضيات، أن تكون إسرائيل قد أرسلت طائرات من دون طيار، حيث تمتلك طرز يمكنها البقاء في الجو 36 ساعة والتحليق إلى مسافة مئات الأميال، ويمكنها أيضًا حمل صواريخ هجومية، في وقت تبلغ فيه المسافة بين مدينةحيفا وبغداد 880 كيلومترًا.

المصلحة الإسرائيلية

وركز ميلمان على سيناريو ”المصالح“ كما وضع التفجيرات في إطار التصريحات التي أطلقت في الماضي، وخلص إلى أنه بالقياس على المصالح والتصريحات، فإنه من غير المستبعد أن تكون إسرائيل وراء العمليات داخل العراق.

وتمتلك إسرائيل، بحسب ”معاريف“، مصلحة مباشرة لضرب شحنات سلاح إيرانية ستذهب لحزب الله في لبنان، ولا سيما الشحنات التي تحتوي أسلحة ”تخل بالتوازن العسكري“، مثل الصواريخ بعيدة المدى أو الصواريخ المضادة للطائرات أو الصواريخ ساحل – بحر، حيث تعتبر إسرائيل هذا الأمر ”خطًا أحمر“ منذ خمس سنوات، أي منذ أن ألمحت إلى وقوفها وراء الغارات في سوريا في أبريل 2014.

وتحدث رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت عن مئات الغارات التي نفذت في سوريا، كما ذكر الوزير تساحي هانغبي أن إسرائيل هي الوحيدة ”التي تقتل إيرانيين“، فيما قال جنرالات بالجيش وسياسيون، منهم وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، إن إسرائيل ”لن تسمح بوجود ميليشيات موالية لإيران قرب حدودها ولن تسمح بتهريب السلاح لحزب الله في لبنان“، ومن ثم قد تشمل ”العمليات الوقائية“ أهدافًا في العراق دون انتظار وصول الشحنات إلى سوريا.

ويرى ميلمان أنه في حال كانت الهجمات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في سوريا فضلًا عن العقوبات الأمريكية ساهمت في تقليص النفوذ الإيراني في الأراضي السورية، دون أن تتسبب في وقف طموحها الخاص بامتلاك مسار بري من طهران إلى بيروت مرورًا بالعراق وسوريا، فإن الأمر يعني أن طهران تنفذ في العراق ما لا تستطيع تنفيذه في سوريا، أي مخازن صواريخ ومنشآت لتصنيعها ومواقع لاطلاق الصواريخ التي تستهدف إسرائيل.

دروس الماضي

وذكّر ميلمان بالكثير من التصريحات السابقة التي تصب في اتجاه وقوف إسرائيل وراء الغارات، فضلًا عن العمليات العسكرية التي حدثت هناك ومنها قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981، ومحاولة إنزال قوات إسرائيلية عام 1991 غربي بغداد لتدمير بطاريات صواريخ ”سكاد“ التي أطلقت صواريخها صوب مدن إسرائيلية منها حيفا وغوش دان، قبل إلغاء العملية لخلاف بين الجيش والمستوى السياسي والمخاوف من ردة الفعل الأمريكية.

ووصلت قوة خاصة إسرائيلية عام 2007 إلى حدود العراق – سوريا قبيل تدمير مفاعل دير الزور، وكل ذلك من وجهة نظر ميلمان دليل على إمكانية أن تكون قوات إسرائيلية تتسلل إلى العراق من سوريا، بخلاف أن هناك فرضية أخرى تتعلق بالعلاقات القوية بين إسرائيل وإقليم كردستان شمالي العراق.

الجبهة السابعة

ويعتقد ميلمان أن كل ذلك يعني عودة ما يطلق عليها خطر ”الجبهة الشرقية“ التي ضمت في الماضي جيوش العراق وسوريا والأردن، فيما أصبحت الأخيرة حليفة لإسرائيل وأصبح الجيش السوري ضعيفًا للغاية بفعل الحرب الأهلية، بينما يعاني العراق الانقسام، مشيرًا إلى أن إيران تعمل على إحياء هذا الخطر.

واختتم بأن إسرائيل التي كانت تواجه جبهات في سوريا ولبنان وغزة وسيناء وعملت في مناطق بما في ذلك البحر الأحمر والسودان والمحيط الهندي وإيران والخليج، دون أن تعترف بمعظم أنشطتها، أصبح لديها جبهة جديدة هي جبهة العراق، التي يصفها بـ“الجبهة السابعة“.

المصدر/ وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى