بلومبيرغ: فساد النافذين في إيران يمنع شطب 4 أصفار من العملة المحلية
وصفت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأمريكية وعود الحكومة الإيرانية بتخفيض قيمة الريال من خلال شطب 4 أصفار منه بأنها محاولة أخيرة لتوظيف ”لعبة الصرف“ من أجل مواجهة إجراءات الحصار الاقتصادي الأمريكي التي طالت مختلف القطاعات المالية والاقتصادية والمعيشية، بما فيها السوق السوداء للعملة المتراجعة.
وقالت الوكالة إن الحكومة الإيرانية استخدمت شعار ”إصلاح العملة“، من أجل ”تقليص حجم الخراب“ الذي أحدثته قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الاقتصاد الإيراني.
وأوقفت العقوبات الأمريكية جميع الشركات الغربية عن الاستثمار في إيران، وأطاحت بالنفط الإيراني إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة عقود، ما أدى إلى نضوب في الموجودات الأجنبية، مع تسارع في التضخم إلى أكثر من 50% وفقدان الكثير من الأطعمة والأدوية.
قوة السوق السوداء
وأضافت بلومبيرغ أن الحكومة الإيرانية ظلت مترددة في السماح بتخفيض العملة حيث حافظت على سعر صرف رسمي هو 420 ألف ريال مقابل الدولار، إلى أن طغت موجة تحوّل الإيرانيين إلى السوق السوداء للحصول على الدولار الناضب، من أجل دفع ثمن المستوردات ورسوم تعليم أبنائهم في الجامعات الأجنبية.
وقد أدى اللجوء للسوق السوداء إلى انخفاض الريال حوالي 30% في شوارع طهران ليصل إلى 156500 ريال مقابل الدولار، مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع في الأسعار واضطرابات اجتماعية.
نظام صرف متعدد الأسعار
ترتب على هذه الفوضى والضغوط الاجتماعية أن الحكومة الإيرانية أنشأت نظامًا أساسيًا لأسعار صرف متعددة، بهدف ترويض السوق السوداء، تحت اسم ”نيمة“، لكن معظم المصدرين فضلوا الاستمرار في التعامل مع سعر السوق وليس السعر الرسمي الذي بات يصدر في منصة ”نيمة“ باعتباره سعرًا للريال مغالى فيه.
خيار التخفيض
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الفشل الحكومي المتكرر في احتواء ضغوط العقوبات الأمريكية على الريال، دعا حكومة الرئيس حسن روحاني إلى الإيعاز للبنك المركزي بالسماح لسعر منصة ”نيمة“ بالتراجع بشكل كبير لتشجيع المزيد من الشركات على بيع العملة الأجنبية.
كما أعلنت الحكومة أن الريال ستتم إعادة تقييمه بشطب أربعة أصفار منه.
ونقلت بلومبيرغ عن أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، ستيف هانك، قوله إن هذه الإجراءات خفضت معدل التضخم الذي كان قد وصل إلى 400% في العام الماضي، إلى 24% في غشت الحالي.
لكن تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في ”رينيسانس كابيتال“، يعتقد أن هذا الأثر النفسي لخفض الريال في منصة ”نيمة“ أو شطب أربعة أصفار منه ليصبح الدولار 12 ريالًا بدلًا من 120 ألف ريال، لا يستطيع الصمود في سوق غير مستقرة، طالما أن الشركات لا تستطيع الحصول على حاجتها من النقد الأجنبي الناضب تحت ضغط استمرار المقاطعة.
خيار التعويم
وتخلص بلومبيرغ إلى القول إن حجم الفساد والتربّح بالعملة لدى المتنفذين في إيران ممن يستطيعون الحصول على الدولار بسهولة، هو أكبر وأقوى من أن يسمح لحكومة روحاني باللجوء إلى الحل الأخير العملي، وهو تعويم الريال ليأخذ سعره الحقيقي.