أخبار دولية

هل تقف إسرائيل وراء قصف مخازن الحشد الشعبي في العراق؟

احتدم السجال في العراق بشأن القصف المتكرر لمستودعات الأسلحة التابعة لميليشيات الحشد الشعبي، في ظل التلميحات الإسرائيلية بوقوفها وراء تلك الهجمات، في مقابلة صمت حكومي و“عجز“ عن كشف الجهة المتورطة في ذلك.

وانفجر مخزن للعتاد تابع للحشد الشعبي، مساء الثلاثاء، داخل قاعدة بلد الجوية في صلاح الدين، شمال العراق، في تفجير هو الرابع من نوعه خلال الشهر الجاري.

قصف إسرائيلي

وبعد ساعات قليلة على تفجير المستودع الملاصق للقاعدة الجوية التي تضم مستشارين أمريكيين وأجانب، طفت على السطح عدة تحليلات، أبرزها وقوف طائرة إسرائيلية وراء القصف، وهو ما تبنته أطراف في الحشد الشعبي، خاصة بعد التلميحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإمكانية أن تكون دولته المسؤولة عن تلك الهجمات.

وقال نتنياهو للصحافيين يوم أمس الثلاثاءـ من مقر إقامته في العاصمة الأوكرانية كييف حينما سُئل عن الأمر ”إيران ليس لديها حصانة في أي مكان“، مُضيفًا: ”إيران تهدد إسرائيل، وأصبحت أكثر عدوانية مُنذ الاتفاق النووي عام 2015″، مؤكدًا أن بلاده تعمل وتتصرف ضد إيران، أنّى كان ذلك ضروريًا.

وقرأ عراقيون هذا التصريح بأنه إقرار ضمني بمسؤولية إسرائيل عن قصف مقرات ومواقع داخل العراق.

وقال النائب عن تحالف الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي محمد البلداوي، إن طائرة مجهولة قصفت معسكر الحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين.

وأضاف البلداوي في تصريح صحفي أن ”المعلومات الواردة إلينا تؤكد استهداف طائرة مجهولة الهوية لمعسكر الحشد الشعبي، فضلًا عن أن الأهالي المحيطين بقاعدة بلد الجوية شاهدوا طائرة مسيرة في أجواء القاعدة المذكورة“.

واستبعد البلداوي أن ”يكون الانفجار ناجمًا عن حريق، أو سقوط قذائف هاون، كما تداول بعض المصادر.

إرباك وخوف

ويرى مراقبون للشأن العراقي أن الحشد الشعبي وقع في حرج شديد وإرباك إثر تلك الهجمات، فهي لم تستهدف وزارة الدفاع أو الداخلية، وإنما توجهت إلى مقرات الحشد فقط، إذ حاول سابقًا التكتم على تلك الهجمات، وتحديدًا في قصف معسكر طوزخوماتو الشهر الماضي، لكن الهجمات الأخرى في ديالى ومعسكر الصقر كشفت تعرضه بالفعل إلى قصف جوي غير معروف.

وتساءل مراقبون عن سبب تبني الحشد لفكرة القصف الإسرائيلي والترويج لها، في ظل عدم إمكانية الرد عليها، وعدم القدرة عن كشف أسلحته الإستراتيجية التي تستهدفها إسرائيل، إذ إنها تضم صواريخ كاتيوشا بعيدة المدى، فضلًا عن التقارير التي تتحدث عن وجود صواريخ باليستية من صنع إيراني.

وقارن محللون بين رد سوريا على الهجمات الإسرائيلة التي تقر بشكل دائم بوقوعها مع الاحتفاظ بالرد في الوقت المناسب، وبين العراق الذي تتكتم السلطات المختصة فيه على تلك الهجمات مع ضعف التحقيقات واللجان المشكلة.

وحسب الخبير في الشأن العراقي سرمد الطائي، فإن تلك الهجمات ”جزءٌ من الصراع الأمريكي الإيراني على أرض العراق، وبناء على طبيعة هذه المواقع المستهدفة، فإن وراء هذه الأحداث على الأغلب إما إسرائيل وإما الولايات المتحدة ”.

 وأضاف في تصريح صحفي أن ”أجهزة الاستخبارات العالمية قد لا تضطر على الدوام لتوجيه ضربات جوية، وأن تفجير مخازن الأسلحة قد يكون عبر عبوات ناسفة لواحدة أو اثنتين من القطع، الأمر الذي يؤدي إلى تدمير كامل المنشأة“.

على الجانب الآخر سادت حالة من القلق لدى المواطنين العراقيين، بسبب ما اعتبروه دخول بلادهم في أتون مواجهة جديدة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، في ظل ”عجز“ حكومي عن اتخاذ موقف واضح، سياسي ودبلوماسي، ضاغط، للخروج من هذه الأزمة.

ويرى الخبير الأمني هشام الهاشمي أن ”الدفاعات الجوية العراقية ربما لم ترصد هذا القصف، وكذلك الدفاعات الجوية الإيرانية التي تغطي 400 كم من عمق العراق، لكن بالتأكيد أن الولايات المتحدة وروسيا لديهما علم بهذا القصف إن كان استهدافًا إسرائيليًّا، وهنا يأتي دور الحكومة في الضغط على واشنطن وموسكو لمنع تكرار هذا العدوان“.

وأضاف في تصريح لـ“إرم نيوز“ أنه ”إذا كانت تلك الهجمات معروفة لدى الدفاع الوطني العراقي وليس لديه القدرة على إعلان الجهة المتورطة في ذلك، فيمكن اعتماد النموذج السوري، بالتوعد في الرد خلال الوقت المناسب“.

لكن آخرين يرون أن الحكومة تورطت في مسألة الحشد الشعبي وتبنيه ورعايته، وإقحامه في المؤسسة الأمنية، على الرغم من أنه قوة عقائدية، تشكلت بفتوى دينية، في ظرف طارئ، وانتفت الحاجة إليه، خاصة في ظل عدم جدوى تشريع قانون له، وتأطيره، وتقنينه ضمن المؤسسة العسكرية.

وتوحي تلك التحليلات بأن الحشد الشعبي أصبح مصدر قلق للعراق بشكل عام، ودولة غير صديقة بما يكفي للمجتمع الدولي، الذي يتجه نحو تقنين المؤسسات العسكرية، دون فسح المجال لمزيد من التشكيلات المسلحة الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى