الجزائر.. هل انتهى ”الأفلان“ و“الأرندي“ مع بوتفليقة؟
توافقت آراء خمسة خبراء في الجزائر على أن نهاية حزبي ”جبهة التحرير“ و“التجمع الديمقراطي“، المقربين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، هي ”الزوال“.
وأوضحوا في حديث لـ ”إرم نيوز“ أن تغيّر القيادة السياسية للحزبين اللذين أصبحا يتيمين، لا يشفع لهما بالاستمرار في جزائر ما بعد الحراك الشعبي الذي أطاح بمنظومة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ويعترض بلعيد عبان، الخبير في الشأن السياسي الجزائري، بشدة على من يمنحون جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي صفة ”الحزبين“، مؤكدًا أنهما محض ”جهازين“، استخدمهما ”النظام البائد“ لقضاء مآرب سياسية وانتخابية، وفق ما قال.
واستدل عبان على ذلك باستعمال بوتفليقة لـ ”الجهازين“ لتمرير أوامره دون تشويش عبر غرفتي البرلمان، بما في ذلك أكثر الخطط خطورة مثل تلك التي طالت التربية والصحة وقطاعات سيادية.
ويضيف عبان: ”المفروض أن القضاء قام بحل جبهة التحرير والتجمع الديموقراطي في اليوم الموالي لإرغام بوتفليقة على التنحي في أبريل الماضي، لكن الوقت لم يفت وبوسع السلطات حل الجهازين اللذين سببا أضرارًا جسيمة للجزائر دولة وشعبًا“.
وُلد كبيرًا
من جانبه، يشير عبد الحق بن سعدي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إلى أن حزب جبهة التحرير الوطني ”استعمل غطاء سياسيًا وتنظيميًا للاستحواذ على السلطة، والاستمرار فيها تحت عنوان الشرعية الثورية والتزوير الانتخابي، ما جعله يبدو كبيرًا، وهو في الحقيقة غير ذلك“، على حد قوله.
وبالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي، لفت بن سعدي إلى أنه ”وُلد متقدمًا في السن، وهو صنيعة السلطة التي أوجدت لنفسها جهازًا سياسيًا بغرض الاستمرار في الحكم عن طريق تزوير الانتخابات التي كانت نتائجها الأولى متداولة بين جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي، وهما جهازان شكلا آلة ترويج للفساد والتزوير وهدم الثقة بين المواطنين والنظام السياسي القائم“.
ويضيف عبد الحق بن سعدي: ”الشعب في عمومه يحمّل جبهة التحرير الأفلان والتجمع الديمقراطي (الأرندي)، إضافة إلى آخرين، مسؤولية الانهيار الذي تواجهه الدولة حاليًا“، مسترسلاً: ”حالة الجبهة تنسحب على التجمع المنبوذ جماهيريًا، بفعل تورط عدد من قياداته في الفساد، ما يجعله مفلسًا سياسيًا، لذلك أعتقد أن هذا الحزب مرشح للتحلل مستقبلاً، على الأقل انتخابيًا“.
ويقول بن سعدي: ”جبهة التحرير من حيث إنه شعار وطني وتاريخي، يعدّ ملكية وطنية لكل الجزائريين، ومن ثمة وجب أن يكون في المتحف، وعلى مناضلي هذا التنظيم البحث عن شعار آخر، وأعتقد أننا نسير في هذا الاتجاه خاصة أن هذا الطرح وجد صدى له في الأوساط الرسمية“.
وينتهي بن سعدي إلى أن ”الرأي العام يناقش مصير الحزبين وكيفية التخلص منهما عن طريق الانتخابات أو بوساطة القضاء، وذاك مستقبل الجهازين وليس الحزبين“، على حد تعبيره.
ويجزم الخبير السياسي حبيب بوخليفة بـ ”زوال وشيك لحزبي بوتفليقة“، ويرى ذلك أمرًا منطقيًا حصل في كل الدول التي سقطت أنظمتها من عراق صدام إلى ليبيا القذافي مرورًا بمصر مبارك وتونس بن علي. ويضيف بوخليفة: ”تلاشي جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي بات حتميًا، لأنهما يمثلان رقمين أسودين في المنظومة الفاسدة التي كرسها بوتفليقة“.
ويسترسل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر ويقول: ”المفروض ألا يتم الاكتفاء بحل الجهازين اللذين لا يرقيان إلى مستوى حزبين، بل ومحاكمة كل قادتهما وكوادرهما الفاسدة والمفسدة، الذين أمعنوا في نهب أرزاق الشعب، ما سبب خراب الدولة الجزائرية“.
ويبدي بوخليفة استغرابًا: ”أتساءل كيف يستمر قياديو جهازي بوتفليقة في مخاطبة الشعب، ويحتجون على عدم إشراكهم في جلسات الحوار الوطني، على هؤلاء أن يصمتوا ويتواروا عن الأنظار بعد جرائم التزوير والانتفاع من الريع، التي اقترفها الحزبان على مدار عقدين وأكثر“.
ويقترح بوخليفة أن تتولى النيابة العامة محاسبة جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي على التخريب الذي مارسوه ودمروا به الاقتصاد المحلي، رافضًا الاكتفاء بمتابعة جمال ولد عباس وأحمد أويحيى فحسب، متصورًا أن ما حصل في زمن الأفلان والأرندي يقتضي محاكمات أوسع وتطهيرًا أكبر.
وفي منظور مريم حمرارس، الباحثة في العلوم السياسية، فإن الرأي العام في الجزائر لا يرحب على الإطلاق بما تبقى من حزبين لم يبق منهما سوى الاسم، معتبرة أن ما يحدث حاليًا هو ”محاولة من مناضلين داخل الحزبين الغريمين للبقاء“، مشيرة إلى أنه بالرغم من تغيّر قادة الحزبين، إلا أنهما لا يزالان محل رفض متواصل“.
لكن مريم حمرارس تستبعد في تصريحها لـ“إرم نيوز“ زوال أو إقصاء جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي نهائيًا من الساحة السياسية، وترجح تراجعهما ”على نحو حاد“.
ويطالب الحقوقي المخضرم مقران آيت العربي بحل الأحزاب المحسوبة على منظومة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والاقتداء بتجارب 3 دول عربية جرى فيها وضع حد لتشكيلات سياسية داعمة للأنظمة المنهارة.
وشدد آيت العربي في حديثه لـ“إرم نيوز“ على ”حتمية تصفية“ جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي اللذين اشتهرا بمساندتهما المطلقة لـ ”فساد العصابة“، في إشارة إلى عشرات الوزراء والمديرين ورجال الأعمال الموقوفين في قضايا فساد، والمحسوبين على منظومة بوتفليقة.