فن وثقافة

”يهوذا“.. رواية تنتصر للإنسان في الصراعات الدموية

تنتصر رواية ”يهوذا“ الصادرة حديثًا، للكاتب اللبناني ”نبيه الإسكندراني“ للجوانب الإنسانية في صراعات دموية نالت من دماء البشر، وقهرتهم وشردتهم من ديارهم، لأسباب عبثية من نتاج الحقد والخيانة والكراهية.

في ”يهوذا“ يعاني أهل المحبة والخير، بسبب خيانة أولاد جلدتهم، فيتجسد يهوذا في كل مرةٍ وكل زمان بوجهٍ مختلف واسمٍ مختلف ليخون الإنسان من أجل الشر، كما خان من قبل كلمة الله.

ولكن العدل قائم، والخلاص آتٍ، لتجتمع خيوط الرواية في عالم مثالي، حيث لا تعلو إلا كلمة المحبة، وحيث يظهر الجوهر الحقيقي للإنسان؛ وهو ”الإنسانية“.

وتدور أحداث الرواية عن ثلاثة أطفالٍ في عالم يحترق من الكراهية، يخوضون صراعات لا ذنب لهم فيها، ويحملون رسالة المحبة رغم اختلافهم.

وقال الإسكندراني، في حديث خاص، إن ”انتشار الحقد والبغض والكراهية التي يبشر بها كثيرون في مجتمعاتنا بصورٍ مختلفة من عنصرية وعدم تقبل الآخر أو نبذهم لاختلافهم، بالإضافة إلى حجم الألم والمعاناة المترتبة عن ذلك، تدفع أي إنسانٍ لأن يكون له موقفٌ وكلمة. وككاتب، يتوجب عليّ أن يكون لي دور في دفع الشر بما استطعت من قوة والتصدي لتجسد (يهوذا) الخائن والدعوة إلى المحبة والخير“.

وأضاف أن ”فكرة الرواية نبعت من قراءات مطولة في عدد من الروايات والقصص والأبحاث التي تناولت معاناة أطفال كثر في مراحل تاريخية شتى، من عصر محاكم التفتيش في الأندلس، لمعاناة اليهود في ألمانيا النازية، والقمع الديني الذي عانى منه المؤمنون في الموجة الإلحادية التي قادها قادة الاتحاد السوفياتي في عصر ستالين. كل هذه الأحداث تركت جرحًا غائرًا في قلبي، وهذا ما دعاني إلى أن أبحر في عالمٍ خاص لأستحضر أبطال الرواية؛ شيرا وبافل وزيدون، ليخوضوا صراعاتهم من أجل الخير والمحبة“.

وتابع: ”في تأليفي لرواية يهوذا كان عليّ الخوض كثيرًا في أحداث تاريخية خلت والبحث بشكل موضوعي عن معاناة رهيبة اضطر عديد من الأطفال إلى تحملها للحفاظ على خصوصيتهم الثقافية أو الدينية أو المجتمعية؛ من اختباء وتنكر وهروب مستمر. وكانت الخطوة الثانية رسم تلك الأحداث في قالبٍ واحد“.

وأبدى عديد من النقاد والباحثين إعجابهم بالسرد في القصة؛ منهم الدكتور أنس الخطيب الذي خص الكتاب بمراجعة مهمة وأبدى إعجابه بفن الشخصية ضمن الرواية.

وتستهدف الرواية الإنسان، والرسالة التي تحملها إلى القراء ستجد طريقها على اختلاف مشارب القراء وأعمارهم، فأي قارئ يدرك رسالة المحبة التي تبعثها الرواية، من خلال الأحداث، لا لشيء إلا لأن المحبة هي أسمى شعور إنساني وهي رسالة الشرائع كلها وقد بشر بها الأنبياء والرسل والحكماء والفلاسفة، وهي حاجة ضرورية للبشرية في ظل ما نعيشه اليوم من مآسٍ.

وتشدد الرواية على أهمية مد جسور الخير والمحبة بين البشر على اختلاف معتقداتهم، وعلى الرغم من أن كثيرًا من الأدباء تناولوا هذا الموضوع، إلا أن رواية ”يهوذا“ تأخذ منعطفًا آخر، فهي تجمع أبطال الرواية في قالب واحد وتخوض في أمورٍ لم يتناولها الكتاب العرب قبلًا على هذا النحو، وتنتهي بالخلاص الأزلي إذ تعلو الإنسانية فوق كل شيء.

صدرت الرواية في يونيو الماضي، عن دار النخبة للنشر والتوزيع في جمهورية مصر العربية، وتقع في 86 صفحة من القطع المتوسط.

الكاتب في سطور

ونبيه الإسكندراني، قاص وروائي لبناني من مدينة صيدا. حاصل على إجازة في الكيمياء ويعمل مُدرِّسًا في العاصمةالسعودية الرياض.

صدرت له مجموعة قصصية بعنوان ”لست أنا من كتب“ وتناولتها أقلام النقاد وكانت موضوعًا لدراسات عدة؛ منها الدراسية النقدية الانطباعية التي أجراها الدكتور العراقي كامل الديليمي وأدرجها ضمن كتابه ”عقلنة الجنون“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى