“زرياب” شفشاون.. نهاراته ولياليه
شفشاون: الدار
في يدك كتاب لغادة السمان أو ديوان شعر لنزار قباني ستتركه جانباً لتستمتع بالمناظر الخلابة التي تحيط بك من كل جانب. سحر المكان وجاذبيته تستحوذان على كل اهتماماتك. أمام تلك الزرقة والخضرة والجبال الشامخة كل شيء يسقط من خانة الأولويات.
لو العندليب الأسمر ينشد، ولو نوتات أفضل عازف قيثارة كان يصدح خلف تلك المكبرات الصوتية، لأوقفتها لتستمتع بصوت خرير المياه المتدفقة من "رأس الماء"، لتلك اللوحة ولذلك الصوت سحر خاص وجاذبية لا تقاوم.
كل الهموم والمشاغل والمشاكل تختفي وتنجلي، كأنها أرض مقدسة، تغسل الروح وتسقيها بردا وسلاما.
من شرفة فندق "زرياب" بمدينة شفشاون يمكنك أن تتذوق هذه الأحاسيس وتعيش التجربة.
كل الشياطين التي بداخلك تخرصها الطبيعة، كل الطاقة السلبية تمحيها زرقة الجدران، وجميع الانفعالات الداخلية تشفى بلمسة من أصحاب المكان.
لمالكة الفندق ابتسامة لا تفارقها، تستقبل الزبناء كأنهم أفراد من العائلة، كل طلب يستجاب وكل أمر ينفذ فورا.. تشعرك بأنك سلطان زمانك.
هي امرأة مكافحة من مغاربة العالم، الذين فضلوا العودة إلى الوطن.. تركت سنوات الجهاد هناك بكندا، وعادت لتستثمر في بلدها. لها ثلاث أبناء يساعدونها في إدارة الفندق.. ولذلك الفندق المدعو "زرياب' قصة تروى.
قبل أن يصبح المكان على ما هو عليه الان، كان عبارة عن مقهى يعود لرجل اسباني. وكما تعود الطيور إلى أعشاشها قرر بيع المقهى والرحيل.
تم الاحتفاظ باسم "زرياب" كما أوضحت سناء بنصغير، مالكة الفندق، لأن السكان اعتادوا عليه، ولأن له رمزية وذاكرة في المدينة.
تمضي قائلة "فكرنا في تغيير الاسم ولكن الناس كانوا قد اعتادوا عليه، من ناحية أخرى، يساعد السكان زوارنا على الوصول إليه بسهولة، قرار الاحتفاظ به لم نندم عليه ابدا".
إصلاحات كبيرة وتجهيزات عديدة غيرت الفضاء بالكامل فأصبحت جاهزة لاستقبال عدد قليل من الأشخاص كمرحلة أولى. بدأ المشروع بخمس غرف فقط واليوم بفضل أعمال التوسعة ارتفع عددها ليصل إلى 20 غرفة.
بذوق راق وأسلوب عصري تقليدي أثثت الغرف، كل التفاصيل التي توفر الراحة تم التدقيق فيها، منافذ تطل على مناظر ساحرة، ألوان مهذبة، إضاءة مناسبة تشعرك بالارتياح والهدوء، لوحات معلقة تقدم لك ورقة تعريفية عن الجوهرة الزرقاء، وأشياء أخرى مشوقة يُفضل تركها للاستكشاف.
يتوفر الفندق على مطعم هو في حد ذاته يعد طبقاً للتذوق، بهاراته في النهار مناظر طبيعية وفي الليل أضواء وشموع وجو رومانسي ناعم.
يتفنن الشيف في تجهيز الأطباق، ولك أن تختار ما تشتهيه نفسك ويطيب له خاطرك.
للفندق سياسة لا بد للموظفين من احترامها، سياستهم الترحيب وحسن الاستقبال والابتسامة الدائمة. لتلك الابتسامات أثر طيب على النفس.
ما يثير في فندق زرياب هو أنه لا فرق بين الموظفين وبين المالكين، للجميع نصيب في العمل. الجميع يشارك ويجد، كأنهم عائلة واحدة، والغريب أنهم يشعرونك فور وصولك بالانتماء.
طارق الخياري، سائح جاء من مدينة الرباط، قضى يومين في الفندق، وعبر عن إعجابه بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة. يقول "جو المدينة رائع، وما زاد عطلتي روعة حسن الاستقبال والمعاملة الطيبة التي تلقيتها من قبل مالكي الفندق والمستخدمين، شعرت أني مدلل وسط أفراد عائلتي" .
في تصنيفات الفنادق يتم الحديث عن النجوم.. فكلما زادت النجوم كلما زاد شأن الفندق وسعره.. في فندق زرياب يتحدثون لغة أخرى، فالنجوم عبارة عن أشخاص.عن أفراد ينضمون إلى العائلة.. ولأفراد العائلة ثمن مميز وخدمات استثنائية.