فن وثقافة

لهذه الأسباب.. مستقبل الصحف الورقية في الوطن العربي في خطر

ليست الصحف الورقية بمنأى عن التحولات العميقة التي يعيشها العالم العربي، بل أصبحت هي الأخرى تواجه مشاكل حقيقية تضع مستقبلها على المحك بعد ان أصبحت وظيفتها وشروط وجودها محل تساؤل كبير.
فبعد أن كانت عدد من الصحف العربية،في كل الأقطار شاهدة، بل مساهمة في تحولات عميقة بالدول العربية منذ ستينيات القرن الماضي، بدأت معظم هذه الصحف، بما فيها العريقة تخفت الواحدة تلو الاخرى ، وكان من مؤشرات ذلك، توقف جريدة "السفير" اللبنانية عن الصدور وكذا الطبعة اللبنانية والمصرية الورقية لصحيفة الحياة، ثم أوقفت دار نشر "الصياد" إصدار كل الصحف التابعة لها.
واضطرت العديد من الصحف الأخرى لأن تتحول إلى اصدار إلكتروني بسبب الأزمة المالية الخانقة في حين خفضت صحف اخرى عدد العاملين بها بعد انخفاض عدد المبيعات وبالتالي رقم المعاملات.
وعن هذه الوضعية، يقول صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: ، إن الصحافة الورقية تواجه خلال السنوات الأخيرة عددا من الصعوبات والتحديات من أهمها تراجع أرقام توزيع المطبوعات بشكل لم يعد يلبي إقتصاديات التشغيل، بالاضافة إلى ضعف إيرادات الإعلانات وإحجام عدد كبير من القراء عن شراء الصحف والمجلات بشكل منتظم كما كان الحال في الماضي القريب. وسجل أن هذه الوضعية تعزى من ضمن أمور اخرى إلى عدم التطوير في الاداء التحريري والصحفي بشكل عام، وعدم وجود مقالات وكتاب رأي يفرضون على المواطن بإبداعاتهم الحرص على شراء الصحيفة اليومية.
وعن تأثير الصحافة الالكترونية يقول العالم، إن هذا التأثير القوي للمواقع الالكترونية الاخبارية التي أخذت في إجتذاب قراء الصحف اليومية دفع الصحافة اليومية إلى تأسيس وإطلاق مواقع الكترونية خاصة بكل من مطبوعاتها، مستطردا ان هذا التوجه جاء شكليا إلى حد كبير، وكان الأحرى برأيه أن تلجأ الصحف اليومية إلى تطوير الأداء التحريري بشكل شامل من خلال ابتكار أبواب صحفية جديدة، وتقديم خدمات اعلامية مبتكرة تلبي إحتياجات القراء الحقيقية.
كما دعا للاهتمام بالاعلانات والترويج والتسويق، وتطوير شبكة التوزيع الميداني للمطبوعات من خلال الوصول إلى المناطق التي لا تصل اليها الصحيفة جغرافيا، وقبل كل شي تطوير طرق التصميم والاخراج للصحيفة اليومية بالشكل الذي يجعلها أكثر جاذبية للقراء مما هي عليه الآن.

وتابع صفوت العالم ان العديد من الجهات التي كانت تمول الصحف باتت تتجه للاستثمار في الإعلام البصري اكثر لما له من القدرة على التأثير على الرأي العام بشكل مباشر وأسرع وأشمل . وخلص إلى أن المخاض العسير الذي تعاني منه الصحافة الورقية في السنوات الأخيرة "يشير إلى أننا قد دخلنا مرحلة جديدة في حياة الصحافة العربية، وأننا نتجه إلى التراجع التدريجي للصحف الورقية، لصالح الصحافة الإلكترونية، خاصة أن عدد المواقع الإلكترونية بين إخباري وثقافي وتجاري قد وصل إلى نحو 1،61 مليار موقع في العالم. وأبرز أن الجدل الذي صاحب أزمة توقف صحف لبنانية عن الصدور فيه إشارة كافية إلى أن "الكلمة المكتوبة لا تزال مؤثرة، وأن غيابها لا يزال قادرا على لفت الانتباه بقوة، بمثل ما أن حضورها يلفت النظر بقوة أكبر".


وبالنسبة للكاتب الصحفي العزب الطيب الطاهر، فيرى أنع يتعين على الصحافة العربية تطوير الأداء والإخراج وتناول الموضوعات بشكل أكثر عمقا وجاذبية من وضعها الحالي، مؤكدا أن تراجع الصحافة الورقية الملموس في العالم العربي مرتبط في الأساس بضعف المنتج الصحفي والتراجع في المضمون الذي تقدمه، بعيدا عن التناغم مع احتياجات ومتطلبات وأسواق القارئ، الذي يبحث عن منتج صحفى يتميز بالمتابعة الحثيثة والعميقة لقضاياه الحقيقية، وليست مناقشات سطحية، والتركيز على التغطيات الرسمية، التى رغم أهميتها لا يجب أن تحظى بهذه المساحات، بل يجب أن تتم متابعتها بشكل تحليلي، وبالحوار والتعليق على تداعياتها المستقبلية ، وليس التركيز على الحدث فقط. ويرى الطاهر أن الصحافة العربية ابتعدت فى السنوات الاخيرة عن الجوانب الفكرية والثقافية ، التي كانت تشكل ميزات نسبية لها في فترات سابقة، "وأصبحنا لا نرى سوى أخبار خفيفة أو مواضيع غير معمقة في متابعة المشهد الثقافي والفكري والفني، وبالتالي لا يحصل القارىء العربي على مبتغاه".


ويؤكد الطاهر أن الصحافة العربية ستصمد إن تم توفير الأطر المؤهلة المدربة المواكبة لتطورات العصر والأسباب الإدارية والمالية مع توفير بيئة سياسية حاضنة لتعدد الاتجاهات والآراء.


وبحسب أرقام رسمية فإن عدد الصـحف التي صدرت عام 2016 في مصر بلغ 76 صحيفة ، بعدد نسخ وصل إلى 534،6 مليون نسخة مقابل 560،78 مليون نسخة سنة قبل ذلك أي بانخفاض بلغت نسبته 6،4 بالمائة. وخلال سنة 2010 بلغ عدد النسخ الموزعة محليا في مصر 917 مليون نسخة بمتوسط 2،5 مليون نسخة يوميا، قبل ان يتراجع هذا العدد إلى 560،7 مليون نسخة عام 2015، بمتوسط نحو مليون ونصف المليون نسخة. ويقدر الخبراء نسب التوزيع الحالية ب 400 ألف نسخة فقط لكل الصحف المصرية يوميا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى