لتحقيق أفضل للادخار.. ندوة بالرباط تدعو إلى النهوض بالتربية والإدماج المالي
دعا المشاركون في ندوة، نظمت اليوم الأربعاء بالرباط تحت شعار "الادخار، ضرورة لبناء المستقبل"، إلى النهوض بالتربية والإدماج الماليين لضمان تعبئة أفضل للادخار الذي يشهد استقرارا بالمغرب منذ ثلاث سنوات في حدود 28 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأبرز المتدخلون في الندوة، التي نظمها صندوق الإيداع والتدبير ومجموعة بريد المغرب بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للادخار، أنه على الرغم من التقدم الملموس المحرز في مجال تشجيع الادخار بفضل الإجراءات التي تم تنفيذها منذ تسعينات القرن الماضي، فإن المستوى الحالي للادخار لا يكاد يكفي لتلبية الحاجة إلى تمويل الاقتصاد الوطني.
وفي هذا الصدد، أعرب والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن الأسف لكون بعدي التربية والتحسيس لا يؤخذان بعين الاعتبار لدى إعداد وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية، معتبرا أن بلورة سياسات ملائمة ومحددة الأهداف وتعزيز ثقة العموم في الخدمات المالية كفيلان بالنهوض بالادخار وتوظيفه في قطاعات الاقتصاد الوطني المنتجة.
وإلى جانب القنوات المالية التقليدية المتمثلة خصوصا في الخدمات البنكية والتأمين، حث السيد الجواهري على بلورة خيارات بديلة، وهو توجه تأخر المغرب في اعتماده حتى الآن، وذلك من أجل تحقيق تحسن كبير في مجال الإدماج المالي، موضحا أن العروض المقترحة في هذا الإطار تستند إلى نماذج تجعلها أقل تكلفة وأكثر تكيفا مع السكان غير المنخرطين في هذه العملية.
واقترح والي بنك المغرب أيضا اغتنام منافع الثورة الرقمية التي باتت توفر فرصا هائلة للإدماج المالي، مشيرا إلى أن بدء فئات جديدة من مؤسسات الدفع غير البنكية المخول لها جمع المدخرات الصغيرة النطاق في الاشتغال، والإطلاق الوشيك لعملية الدفع عبر الهاتف النقال، ومراجعة الإطار القانوني للتمويل الصغير جدا، كلها مبادرات كفيلة بتعبئة الادخار.
ولضمان تضافر كل هذه الجهود والتقاء جميع المتدخلين حول رؤية مشتركة، أبرز السيد الجواهري أن وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب يعكفان على إعداد الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي الرامية إلى ضمان حصول الأشخاص الذاتيين والمعنويين على خدمات مالية تلائم احتياجاتهم ووسائلهم، وبالتالي تسهم في تحقيق تنمية إدماجية للبلد.
من جهته، قال المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، عبد اللطيف زغنون، إن النهوض بالادخار يمر لزاما عبر تعزيز الإدماج المالي باعتباره عنصرا من عناصر الإدماج الاجتماعي، نظرا لأنه يتيح للأشخاص الولوج لخدمات أساسية مثل التوظيف والصحة والسكن والتعليم.
وشدد السيد زغنون على أن الإدماج المالي يشكل من هذا المنطلق رهانا اقتصاديا واجتماعيا رئيسيا ليس فقط للبلدان النامية ولكن أيضا بالنسبة للبلدان الأكثر تقدما، مشيرا إلى أن صندوق الإيداع والتدبير، الذي يعتبر بالنسبة للسلطات العمومية هيئة لتأمين الادخار الوطني عبر تدبير صارم، أدرج في مخططه الاستراتيجي للفترة 2017-2022 تعزيز دوره التاريخي كفاعل في ميدان الادخار والاحتياط من أجل مواكبة أفضل للرهانات الاستراتيجية الوطنية.
وأبرز المدير العام للصندوق، الذي سجل أن صناديق الادخار وأبناك التقسيط تضطلع بدور حاسم في ولوج المواطنين للخدمات المالية، ضرورة أن تقدم هذه الكيانات مجموعة واسعة من الخدمات المالية تقوم على حلول مبتكرة وفعالة، وأن تبذل مزيدا من الجهود لتعزيز الإدماج المالي وتشجيع الادخار والتعامل البنكي.
من جانبه، اعتبر المدير العام لمجموعة بريد المغرب، أحمد أمين بنجلون التويمي، أن الادخار يشكل أولى رافعات الإدماج المالي للسكان، مركزا على الصلة القائمة بين مستوى تطور أي بلد ودرجة الإدماج المالي فيه، والذي يحركه في المقام الأول مستوى تعبئة الادخار.
وذكر السيد بنجلون التويمي، في هذا السياق، بأن العديد من الفاعلين الاقتصاديين يساهمون في تعبئة الادخار وتطويره على المدى القصير والمتوسط والطويل، بما في ذلك البنوك وصناديق الإيداع وشركات التأمين ومختلف هيئات التقاعد. كما أشار إلى شركات إدارة الأصول وبورصة الدار البيضاء للقيم التي شهدت نموا قويا في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى هيئات التقنين التي تضطلع بدور مهم في حماية الادخار والمدخرين.
وتمحورت هذه الندوة، التي حضرتها ثلة من الخبراء المغاربة والأجانب، حول مائدتين مستديرتين تناولت أولاهما موضوع "60 سنة من تعبئة الادخار في خدمة التنمية بالمغرب"، فيما انكبت الثانية على تدارس موضوع "تعبئة الادخار -مقارنة مرجعية دولية للحلول المبتكرة".
ويؤكد موضوع الندوة البعد الجوهري للادخار في سياق تطوير أدوات مكافحة المخاطر السوسيو-اقتصادية والمالية التي يواجهها المواطنون.
وتندرج الندوة أيضا في سياق يتسم بتسجيل اختلال هيكلي في تمويل الاقتصاد الوطني بين الادخار الداخلي وحاجيات التمويل المتوسط للاقتصاد الوطني، الذي يمثل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمملكة.