أخبار الدار

الاعتقال الاحتياطي بالمغرب بين التشريعات الأممية والقانون الجنائي المغربي

الدار/ خاص

تعاني السياسة الجنائية منذ أزيد من 40 عامًا، من تضخم الاعتقال الاحتياطي"، وفقًا لرئاسة النيابة العامة.

ويتخذ قضاة محاكم المملكة هذا الإجراء "بدون أسباب كافية"، وفي بعض الأحيان دون وجود أدلة قوية"! أين التفتيش القضائي تعقب الانتهاكات؟ ثم، والأهم من ذلك ، تمت تبرئة 4158 شخصًا في عام 2018 بعد أن قضوا في السجن عدة أشهر!

ليبقى السؤال العريض الذي يطرح في هذا الصدد، هل يحق لهؤلاء الذين قضوا أشهر في السجن في اطار الاعتقال الاحتياطي الحصول على تعويض بعد تبرئتهم؟ سؤال أعقب جدالا كبيرا حول ماهية الاعتقال الاحتياطي، وماهي مسوغات العمل به.

بالرغم من ذلك، يعتبر القانون الجنائي، الاعتقال الاحتياطي، كإجراء أمن استثنائي، يتم تطبيقه على الشخص الخاضع للتحقيق القضائي في عدة حالات: في حالة جناية، خطورة بعض الجرائم، عدم وجود ضمان مالي أو شخصي، خطر الإخلال بالأمن والنظام العام أو فقدان الأدلة …

وتركز طبيعة بعض الحالات المعروضة على القضاء، التي ينفذ فيها الاعتقال الاحتياطي، على المصلحة العامة بشكل يمكن أن تجبر قاضيا على توقيع أمر قضائي، وهو ما تسميه رئاسة النيابة العامة بت "الضغط الاجتماعي" في تقريرها عن أنشطة سنة 2018.

ووفقا لرئاسة النيابة العامة، يخضع أزيد من 40 ٪ من نزلاء السجون المغربية لمثل هذا الإجراء، حيث تم وضع مابين2012 و 2018، حوالي 222 ألف شخص رهن الاعتقال الاحتياطي، من قبل المحاكم، مما يمثل معدلا سنويا يبلغ حوالي 31،700 شخص.

هذه المعطيات هي التي دفعت البعض الى اشكالية الاعتقال الاحتياطي، الذي قد يتم الغاؤه في اطار مراجعة القانوني الجنائي الموجود قيد المناقشة في البرلمان.

تعد المادة 618 من القانون الجنائي، أصل هذا التضخم القضائي. فكل من سُجن، ولم يتم الحكم عليه نهائيًا، يعتبر رهن الاعتقال الاحتياطي، حتى لو تمت محاكمة المتقاضى للمرة الأولى من قبل المحكمة. فطالما أن المتهم أو المتهم لم يستنفد جميع سبل الانتصاف القانونية (الاستئناف والنقض) ، فإنه يظل مصنفًا في قسم الاعتقال الاحتياطي، وهكذا سجل 327 ألف شخص رهن الاعتقال الاحتياطي في نهاية عام 2018.

وتقول رئاسة النيابة العامة أن "التعريف الذي أقره القانون الجنائي للاعتقال الاحتياطي،  ليس التعريف الذي تحدده الأنظمة القضائية الأخرى"، حيث يختلف وضع الهيئة التشريعية الوطنية عن الموقف الذي تدعو إليه الأمم المتحدة.

وتسير  لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية التابعة للأمم المتحدة: أنه الاعتقال الاحتياطي يسري"فقط على أولئك القابعين في السجن ولم يحاكموا قط".

وعلى الجبهة الدبلوماسية، قد يكون اعتماد هذا التعريف مفيدًا للمملكة المغربية، لأن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة تتعلق بالسلام والعدالة، حيث يشير المؤشر رقم 16 إلى "نسبة المجرمين الذين ينتظرون المحاكمة".

تعتمد كفاءة وجودة العدالة الجنائية أيضًا على معدل الأشخاص المحتجزين، حيث يجب ألا يتجاوز هذا المعدل 31٪ من نزلاء السجون، طبقًا للأمم المتحدة. تحقيق هذا الهدف الأممي يتطلب مراجعة تعريف تدبير الإجراءات الجنائية هذا ليتوافق مع ما تدعو اليه الأمم المتحدة".

إن النظر في اقتراح الأمم المتحدة، في اطار الإصلاح الجنائي الحالين يمكن أن يغير الوضع، حيث ستنخفض نسبة الأشخاص المحتجزين من قبل المحاكمة من 40٪ إلى 15٪، وهو نصف المعدل الذي حددته أهداف التنمية المستدامة لعام 2030!

وبعيدا عن التقييمات الدولية، يرتبط الاعتقال الاحتياطي في واقع الأمر بحرية الناس وسلامتهم البدنية.

وفي هذا الصدد، يبدو الوضع مقلقا على الرغم من "الجهود" التي بذلها القضاء المغربي ابتداء من أكتوبر 2017، تاريخ استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، لكن يبدو أن هذه الحلقة القضائية  في حد ذاتها قصة أخرى!وهي مسألة الاستقلالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى