أخبار الدار

مونية بوستة: السياسة الخارجية للمغرب ترسمها التوجيهات الملكية

الدار: خاص

كيف تقيمين السياسة الخارجية للمملكة المغربية؟
أريد أن أستغل الفرصة لأحيي بلدينا على تنظيم أول دورة للمشاورات السياسية المغرب-باراغواي في العاصمة أسونسيون، وهو ما مكننا من وضع جرد لمدى تطور علاقاتنا الثنائية وتحديد بعض القطاعات ذات الاهتمام المشترك التي بإمكانها النهوض بالتعاون فيما بيننا في مجالات السياحة والصناعة التقليدية والفلاحة والنقل واللوجستيك. كما تطرقنا أيضا إلى الحاجة إلى المحافظة على هذه الدينامية، خاصة عبر حوار سياسي والنهوض بالتعاون وبالمبادلات الاقتصادية والتجارة بين البلدين.
وفيما يتعلق بسؤالك، عليك أن تعرف أن السياسة الخارجية للمملكة المغربية ترسمها التوجيهات الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. والمغرب، بوصفه بلدا إفريقيا، طالما اشتغل على قضايا التنمية في القارة، في إطار التعاون جنوب-جنوب ورابح رابح. فهناك أزيد من 1000 اتفاقية تربطه بأزيد من 50 بلدا، تشمل المجالات والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما انخرط المغرب، منذ رجوعه إلى الاتحاد الإفريقي، في أهم القضايا والتحديات التي تواجه القارة.
وبحكم موقعه الجغرافي الاستراتيجي القريب من القارة الأوربية، يمثل المغرب نقطة وصل بين الشمال بالجنوب وبين الشرق بالغرب. وللمغرب أزيد من 50 اتفاقا للتبادل الحر مع مجموعة من الدول، منها الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية وتركيا. ويبذل المغرب كذلك جهودا كبيرة لتقوية علاقاته بدول أمريكا اللاتينية وآسيا ويعتبرها من شركائه الاستراتيجيين. ولا تزال سياستنا الخارجية الحالية وفية لثوابت ومبادئ منها احترام شرعية القانون الدولي وتقوية السلم والأمن العالميين والحل السلمي للنزاعات واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.

ما هي الدول الأمريكية اللاتينية التي تربطها علاقات جيدة مع المغرب؟
تربط المغرب ودول أمريكا اللاتينية علاقات متينة، ويرجع الفضل في ذلك إلى العلاقات التاريخية والموروث العربي الأندلسي المشترك. ومن المعلوم أن المملكة المغربية هي البلد الوحيد في العالم العربي الذي يصل فيه عدد الناطقين بالإسبانية إلى أزيد من 5 ملايين شخص. هذا العامل التاريخي والثقافي المهم سمح للمملكة بتطوير علاقات دبلوماسية متينة مع كل دول أمريكا اللاتينية. وعليه فإن المغرب هو البلد العربي الأول من حيث عدد السفارات في هذه المنطقة في العالم، أي ما يعادل اثنتا عشرة سفارة تغطي المنطقة بأكملها، بما في ذلك باراغواي.
كما نتوفر على إحدى عشرة سفارة أمريكية لاتينية معتمدة في الرباط. لكن يجب الاعتراف بصورة عامة أن العلاقات الاقتصادية لا ترقى لسوء الحظ إلى نفس مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية المتميزة. فالتعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية ما زالت ضعيفة مقارنة بإمكانيات المملكة ومنطقة أمريكا اللاتينية. و يجري الآن حاليا العمل في هذا الاتجاه بغرض موازنة الميزان التجاري مع كثير من دول المنطقة، والمغرب عازم على تقوية هذه العلاقات الاقتصادية والتجارية مع المنطقة ككل، وبطبيعة الحال مع باراغواي.

هل يمثل "ميركوسور" عائقا أم مشجعا على التعاون في هذا الشأن؟
تولي المملكة المغربية أهمية خاصة لهذه المجموعة التي تمثل في نفس الوقت رافعة ونموذجا للتعاون الإقليمي الناجح، حيث تستفيد الدول الأعضاء فيها من وضعية جيدة على الصعيد الدولي في مجموعة من القطاعات. وبحكم أهمية هذا البعد الإقليمي، بإمكان المملكة المغربية أن تمثل بالنسبة لـ "السوق المشتركة الجنوبية" أرضية مثالية للتبادل والتعاون تسهل لها الولوج إلى أسواق جديدة بما فيها الإفريقية. ليس هناك شك في أن التقارب مع "ميركوسور" سيقوي موقع المملكة في أمريكا اللاتينية وسيفتح الباب على فرص جديد في إطار دينامية التعاون جنوب-جنوب والثلاثي الأضلاع. هذا دون أن ننسى أن المغرب يتوفر على إمكانات هائلة بحكم موقعه الجغرافي في مفترق الطرق البحرية الدولية وبحكم إطاره الماكرو-اقتصادي مستقر.

ماذا هي تطلعات المغرب لإعادة الدفع بالعلاقات الثنائية؟
بداية يطيب لي أن أعبر عن مدى رضا المملكة بالرغبة التي ما فتئ المسؤولون في باراغواي يعبرون عنها حول إمكانية ربط علاقات متميزة مع المملكة المغربية. وفي هذا الصدد إنه لمن الجيد ملاحظة الدينامية المسجلة فيما يخص تبادل الزيارات، سواء على المستوى الحكومي أو البرلماني.
وتدفعنا جودة علاقاتنا إلى جعلها تتطور لترقى إلى مرحلة جديدة. ومن هذا المنطلق يطمح المغرب إلى تقوية فضاءات الحوار والتبادل، سيما في القضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك. كما نرغب في رفع مستوى مبادلاتنا التجارية والاستثمار، وكذا دعم العلاقات بين الفاعلين الخواص في كلا البلدين. ومن جهة أخرى، يمثل التعاون محورا رئيسيا وسنحرص على تنزيل المشاريع المحددة وبلوغ الأهداف المسطرة.

ما نوع التأثير الذي قد يلعبه هذا التقارب في موقف باراغواي في الشرق الأوسط؟
تلقت المملكة المغربية بنوع من الرضى القرار المتبصر لحكومة باراغواي إرجاع سفارتها إلى تل أبيب، بما يتوافق ومبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة. وهو قرار تلقته أيضا كل الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية أثناء اجتماعها الأخير في القاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 14 =

زر الذهاب إلى الأعلى