أخبار الدار

مجابهة الإشكالات الكبرى الراهنة أولويات الاتحاد البرلماني الإفريقي

دعا رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، الحسن بالا ساكاندي، أمس الجمعة بمراكش، إلى بلورة أجوبة "شاملة"، و"متشاور بشأنها" و"مستدامة" لمجابهة الإشكالات الكبرى الراهنة. وقال ساكاندي في مداخلة خلال جلسة افتتاح المنتدى البرلماني حول "حفز الأمن في المنطقة الأورو متوسطية، دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وشركاؤها"، والمنعقدة في إطار الدورة الخريفية الثامنة عشرة للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، "وحدها الأجوبة الشاملة والمتشاور بشأنها التي ستمكننا من مجابهة القضايا الشاملة التي يتعسر تحديدها راهنا، من قبيل الأمن والبيئة والمناخ، والهجرات والإرهاب…".

وفي هذا الصدد ذكر بمحورية التعاون الإقليمي وتنمية الشراكة في أنشطة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا منذ إحداثها بهلسينكي سنة 1973، واللذان يشكلان الآن "عاملين ذوي أولوية" ليس فقط لدى الدول المشاركة في هذه الخلوة، بل أيضا لباقي العالم، وعلى الخصوص الدول الإفريقية.

وأوضح ساكاندي الذي يشغل أيضا منصب رئيس الجمعية العمومية ببوركينافاسو، أن هذا المعطى يستبق الإشكالات الكبرى الراهنة، "على اعتبار تعقيدها وبعدها العابر للحدود والشامل، والتي يعسر تطويقها في إطار ضيق لدولة وحيدة أو منطقة وحيدة"، مضيفا أن هذا الواقع يجعل من العالم المستوى الأمثل لاستجلاء أجوبة "مستدامة" عن التحديات العالمية.

وبعدما نوه بعقد هذه الدورة لأول مرة خارج المجال الجغرافي للمنظمة، اعتبر المسؤول الإفريقي أن الأمر يتعلق بـ"ابتكار لذاته"، مضيفا أن "هذا الإجراء ليس مجرد نقل وانتداب، بل مرد رؤية جديدة، واقعية بالأساس، تأخذ بعين الاعتبار الرهانات التي تتشاطرها دولنا وشعوبنا، سواء بالشمال أو الجنوب، بالشرق أو بالغرب".

وأضاف أن هذه الرؤية الجديدة المتوسلة بإعادة رسم الحدود البيئية والمناخية والأمنية تتأسس على بدهية التلاحم القوي للقضايا الراهنة، من خلال "إعادة تأطير الدور المحوري للفاعلين، سواء أكان فرديا أو جماعيا، لتحقيق الأهداف المسطرة".

كما سجل الحاجة القصوى إلى " تحيين مستدام" لمقاربات وآليات ومساطر التعاون قصد أقلمتها مع الواقع الذي لا ينفك مطردا، مؤكدا أن "هذا التحيين لا يطال هذه المناحي، بل أيضا تمثلات بعضنا البعض، ولشتى الإشكالات والتبعات التي تطال أواصرنا".

وفي هذا السياق، أبدى قناعته أن "أول ابتكار وأهمه الذي يتعين أن يعتمل يهم رؤيتنا ". وأردف قائلا " النظر بصوابية للرهانات الكبرى يعد توطئة لنا نحن البرلمانيين، بمستطاعنا ومن واجبنا التيسير، إن نحن ابتغينا تعاونا فعالا وناجعا"، ومركزا على قضيتين تسيلان المداد راهنا وتذكيان العواطف، واللتان لم يجر تطويقهما بعد، وهما الهجرة، وإشكالية الأمن الراهن.

فبشأن مسألة الهجرة، دعا ساكاندي إلى بسط الإشكال في نطاقه الصميم والانكباب بجرأة على مسبباته الرئيسية، موردا أن المراقبة والاعتقالات والطرد، غالبا ما تتم في ظروف مشينة وحاطة بالكرامة الإنسانية، كما تعد إجراءات "مكلفة ظرفيا" لكونها تعبأ مليار أورو سنويا، و"عديمة الجدوى هيكليا" لأن لا أثر مستدام لها على تدفقات الهجرة.

وقال "المأساة التي يعيشها المهاجرون والمسؤوليات الملقاة على عواتقنا، توجب علينا، ببلدان الاستقبال، إعادة التفكير في سياسات الهجرة، وبمناطق الانطلاق، مع تنمية مبادرات إرادية ضد الفقر والبطالة والحروب، كمسببات رئيسية للهجرات المتوحشة".

أما بشأن إشكالية الأمن، فأكد أن الدرع الذي حصن حوض المتوسط لأوروبا، اعتراه "شرخ واسع" وليد الأزمة الليبية التي طالت أوزارها منطقة الساحل. وبعدما اعتبر الأمن العالمي "ملكية مشتركة تترفع عن الأنانيات القومية"، طمأن بأن فسيفساء التعاون بإفريقيا ثري بما فيه الكفاية ودينامي للمضي بمسار من هذا القبيل.

وفي هذا الصدد قال إنه بمستطاع الاتحاد البرلماني الإفريقي أن يكون "شريكا استراتيجيا" لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مضيفا أن الاتحاد، على اعتبار مهامه وأنشطته، يعد "أرضية مواتية" للنقاش والتعاون مع الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لتنفيذ الأهداف التي تنعكس إيجابا على الجانبين.

من جهته ثمن رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، مصطفى سيسي لو، بتنظيم هذه الدورة الخريفية بالمغرب، موردا أن الهيئة التي يترأسها تولي أهمية فائقة لهذا الصنف من اللقاءات قصد توطيد الدبلوماسية البرلمانية وحفز مسلسل الاندماج الإفريقي.

واستعرض بالمناسبة جهود هذه المؤسسة البرلمانية للاستجابة لانتظارات رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، لافتا إلى أن هذه المنطقة من إفريقيا تواجه تحديات وإشكالات وعراقيل تنتصب أمام دولها الأعضاء. وبعدما ذكر بأهمية نسج شراكات متينة مع منظمات برلمانية من قبيل الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، سجل السيد سيسي لو الحاجة إلى "العمل سويا وتملك المصير يدا".

وأكد أن البرلمانات، الجديرة بتمثيل الساكنة، تلعب دورا محوريا في المعالجة وإيجاد الأجوبة للإشكالات التي تنبثق بحدة حاليا، من قبيل التغيرات المناخية والهجرة. وفي هذا الصدد دعا إلى عمل أمثل ملموس، مبديا أمله في ترجمة توصيات هذه الخلوة من قبل رؤساء الدول والحكومات قصد " ضمان السير العادي للعالم".

وتنعقد أشغال الدورة الخريفية الثامنة عشرة للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي يحتضنها مجلس المستشارين، إلى غاية 6 أكتوبر الجاري، حول موضوع "النهوض بالأمن على مستوى المنطقة المتوسطية.. دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وشركاؤها". ويشكل هذا الحدث محطة جديدة لتعزيز وضع "الشريك من أجل التعاون" الذي يحظى به برلمان المملكة المغربية لدى هذه الجمعية البرلمانية التي تضم في عضويتها 57 دولة. وتتمثل محاور هذه الدورة، التي تشكل مناسبة لاستعراض التجربة المغربية النموذجية خاصة في مجال مكافحة التطرف، في النهوض بالأمن بالمنطقة المتوسطية، والتحديات المرتبطة بالتنمية الاقتصادية وبالتحولات المناخية والهجرة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى