فن وثقافة

لجنة إنتقاء البرامج الخارجية ب(SNRT) على صفيح ساخن.. وتقرير إدريس جطو في مهب الريح

الدار/الرباط

لم يجف بعد المداد الذي كُتِبَ به تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول الإختلالات الكثيرة والفاضحة التي سجلها ورصدها قضاة إدريس جطو بخصوص "صفقات إنتاج البرامج الخارجية" بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (SNRT)، حتى عادت الامور إلى ما كانت عليه، وكأن هذا التقرير الرسمي الصادر عن مؤسسة دستورية كبيرة لا يساوي أي شيء، علما أنه ملزم وتتبعه المساءلة القانونية التي تصل في بعض الملفات إلى الإدانة الجنائية عندما يتعلق الأمر بإساءة إستخدام المال العام. 

إنه "نفس الأسلوب، ونفس اللجان، ونفس شركات الإنتاج… وكأن قضاة إدريس جطو لم يمروا من هناك.

وفي هذا الإطار، يتحدث عدد كبير من المنتجين والصحافيين والموظفين في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بشكل علني، عن "عشرات الملاحظات والتوصيات وأسماء شركات اغتنت، بشكل لافت وفي وقت قياسي، من المال العام مقابل إنتاجات تلفزيونية تافهة مضمونا وسخيفة شكلا، مع إستثناءات تهم النزر القليل من الإنتاجات التي يمكن وصفها ب(الإنتاج التلفزيوني المقبول)"، يشرح مهنيون يشتغلون في مصالح الإنتاج الخارجي التابعة للشركة.

ويقول منتجون يحظون باحترام مهني داخل شركة (SNRT) ل"الدار" إن "الماسكين بزمام الأمور والمسيطرين على تدبير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة،  يصرون على تجاهل تقارير جطو، وعدم إعطائها أي اعتبار. إنهم يطبقون نظرية (الأذن الصماء)، ويمعنون في نهج نفس الأسلوب.

ولأن مؤسسة (SNRT) مازالت تضم "تيارا واسعا من المهنيين الغيورين على سمعتها والرافضين لكل أشكال العبث بالمال العام…"، بحسب مصادرنا من داخل الشركة، "خرج، هذه المرة، من يغرد خارج سرب المتحكمين، وقال: لا لنهب أموال المغاربة، وفي الوقت نفسه للجهر ب(لا) كبيرة. لا للإعتداء على أذواق المشاهدين، وقذفهم بكل أشكال التفاهة السمعية/البصرية".

وأوضحت مصادر مطلعة في تصريحات ل"الدار" أن "هذا التسيب أضحى بنية تتوسع بشكل خطير…".
وتضيف مصادر "الدار" بنبرة مستنكرة وغاضبة أن "الأمور تتجه نحو مزيد من السوء؛ ف(لجنة إنتقاء البرامج) التي يُعَيِّنُهَا فيصل العرايشي ويمررها على كل أعضاء المجلس الإداري للشركة، كانت على موعد يوم الجمعة الماضي (25 أكتوبر 2019) مع مباراة حامية الوطيس، عندما انتفض واحد من الأعضاء الخارجيين، بعد أن ضاق صدره ونفذ صبره، في وجه رئيسة اللجنة، مديرة (وكالة الإشهار) التابعة للشركة بالدار البيضاء، وصحافية من الإذاعة الوطنية…".

وقالت مصادرنا المطلعة على ملفات الإنتاج الخارجي إنه "عندما تسند الأمور إلى غير أهلها.. فانتظر الساعة…".

العديد من أبناء الشركة ممن تابعوا إجتماع يوم الجمعة 25 أكتوبر الحالي، عبروا ل"الدار" عن استيائهم الكبير واستنكارهم الشديد لما حدث في اجتماع رسمي، فقد "ثار في وجه مسؤولة في الشركة أحد أعضاء اللجنة الخارجيين، وأخبرها بأنها لا تملك ما تُعطي.. لأن المال هو مال الشعب دافع الضرائب".

وأضافت المصادر نفسها أن "العضو الثائر والمنتفض نعت المسؤولة المذكورة بصفات لا يمكن أن نذكرها هنا. وهذا العضو المشهود له بالكفاءة المهنية وبالمعرفة العلمية في تخصصه، هاجم أيضا أسلوب رئيسة اللجنة، ورفض أن يأتي إلى اللجنة فقط لأخذ تزكية منها بخصوص البرامج التي تم اختيارها سلفا..".

أكثر من ذلك، وحسب مصادر "الدار"، فقد "هدد هذا العضو الخارجي باللجوء إلى القضاء ليضع رهن إشارته كل الأدلة الدامغة التي يتوفر عليها…".

وفي انتظار تطورات في هذا الملف المثير والمرتبط مباشرة بحماية المال العام من التبديد والهدر، انفض إجتماع اللجنة على وقع تبادل الإتهامات بخصوص طلب عروض يتعلق بمسلسل تلفزيوني (Lot N° 6). ففي الوقت الذي مازالت فيه صحافية الإذاعة الوطنية "تدافع عن إحدى الشركات التي أشار إليها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات بالإسم، باعتبارها تسيطر على طلبات العروض، عادت المواجهة بين الطرفين. فالعضو المذكور دافع، من جانبه، على شركة أخرى سبق أن تم إقصاؤها في السنة الماضية"، يكشف مهنيون من داخل (SNRT).

مصادر "الدار" علقت على كل هذه الأمور السلبية الناتجة عن انعدام المسؤولية وغياب الكفاءة الضروية في تدبير ملف ثقيل وحساس في حجم الإنتاجات الخارجية، بالقول: "الوضع خطير جدا ومرشح للتأزم إذا لم يتدخل فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة، علما أنه ليس له الحق في أن يتدخل في عمل اللجنة بحكم القانون".

ويحظى هذا الموضوع المتشعب باهتمام جل المنتجين والصحافيين والتقنيين العاملين ب(SNRT)، وبمتابعة دقيقة من طرف منظمات المجتمع المدني التي تتابع عن كثب كل ما يهم السمعي/البصري العمومي.

كما تصدر الهيئات المهنية ذات الصلة سنويا تقارير ترصد ما يقع من خروقات وتجاوزات في قطاع الإنتاج التلفزيوني في التلفزة العمومية، وكل هؤلاء يطالبون ب"كشف التفاصيل حتى يعرف الرأي العام الوطني وكبار أصحاب القرار ما يقع في هذه المؤسسة العمومية التي ظلت خارج أية محاسبة رغم كل التقارير السنوية الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، والتي وضعت الأصبع على أين توجد الإختلالات الخطيرة على مستوى تدبير أكبر وأهم مؤسسة إعلامية عمومية في المملكة"، يشدد منتجون مهنيون في شركة فيصل العرايشي، ويطالبون بتطبيق البند الدستوري المتعلق ب"ربط المسؤولية بالمحاسبة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى