غير مصنف

أبيض أسود … وحيد ..إلى أين؟

محمد بنيس

خسر بوروندي ..وكان لابد أن يخسر..لأنه بلغة الكرة فريق صغير متواضع جدا ..جدا جدا..حتى أنه لايتوفر على ملعب معشوشب ..حتى أنه لو لعب سبعة أيام أخرى سيخسر..و المغاربة يعرفون كرة القدم يتذوقون متعتها وقوتها ..وبوروندي لو لعب مع أي فريق في بطولتنا التي توصف بالمتواضعة أو التي وصف وحيد ممارسيها أنهم يلعبون شيئا آخر ..سيخسر ..

لقد غير وحيد المدرب ستة لاعبين من تشكيلة موريتانيا وحول حكيمي من ظهير أيسر لجناح أيمن ..و حول كل اللعب إلىهناك وكنا ربما سنسميه لعب الجهة لكنه مع ذلك تدبير تكتيكي عتيق و لايمكن اعتباره عبقرية وحيد لأن الخصوم الأفارقة الحقيقيين سيقفلون البواب لا على حكيمي و لا على وحيد ..ولعب من دون قائد لأن تاعرابت الوحيد المؤهل لذلك ركنه في الاحتياط ..

و قد يختلف الكثير حول هذا الرأي ..و قبل أن نتحول إل سفسطائيين ..ربما علينا أن نصفق للفوز على بوروندي ..ربما علينا المزيد من الانتظار ..انتظار تفتق عبقرية وحيد لأنه مدرب جديد جاء في مرحلة جديدة و عليه أن يبني منتخبا جديدا ..ربما ..علينا أن نصبر ..سنصبر ولكن ..للامانة و للتاريخ سنقول رأينا و النقاش مفتوح و الاختلاف لاشك سيكون مثمرا ..سنقرأ..

<<..الاستحواذ على الكرة ..الضغط على الخصم عند فقد الكرة ..الجري بذكاء ..إيجاد المساحة ..الخروج جيدا من منطقة الدفاع ..البقاء و الحضور من دون مفاوضات تكتيكية مضطرة ..>>.

هذه هي العناصر الأساسية و الضرورية لممارسة كرة القدم الحديثة ..هذه العناصر هي التي يحاول المدربون الكبار في العالم..أو الناجحون تفعيلها..و نسبة النجاح تختلف و تتأرجح بين ناد و منتخب ..بين ناد يضم فرديات جيدة و كافية و آخر يمتلك بعضها أو جلها أو كلها فرديات متوسطة مع استثناءات صغيرة ..

المدرب يحلم بتفعيل العناصر المذكورة ..و أكرر يحلم ..لكن ثقافة المدرب و ذكاء اجتهاداته هي التي تخلق البصمة التكتيكية في النادي أو المنتخب ..و هي التي تحدد نسبة نجاحه في تفعيل الأساسيات الضرورية للعب الحديث..أو على الأقل أغلبها أو حتى نصفها ..

أحيانا مدرب يلعب بفريق غني بالفرديات لكنه فقير في التوافق ..و مرتبك في الانسجام ..

أحيانا ينجح المدرب في التوافق ..تموضعات ايجابية ..تكامل في التغطية ..لكن ينقص فريقه لاعبو القرار..ينقصه لاعب مدرب داخل الملعب ..قد يكون صانع لعب ..قد يكون لاعب ارتكاز ..أو لاعب محور يوجه دفة اللعب و يرفع أو يخفض إيقاع اللعب ..لاعب يسدد ..أو يخترق ..المهم يتخذ قرارا بإيجاد حل من الحلول .

و أحيانا مدرب بفريق متوسط أو عادي ..و ..و ..لتطل من بين كل هذه الحالات و غيرها نسبة جهد عمله و نسبة نجاحه في تفعيل ما يريد ..و ما مدى ذكائه في ردات الفعل التكتيكية لدى فريقه و لدى الخصوم ..و لهذا السبب و غيره تتفاوت الأندية و الخصوم في المستوى و العطاء و نسبة النجاح أيضا..

الأمر معقد و سهل في آن واحد ..مثلا ..سنأخد معطى واحدا من لقاء المغرب – موريتانيا ..هو حصول المغرب على 14 ضربة زاوية ..و النتيجة في النهاية ..الأصفار ..و هو معطى يؤكد باختصار أن المدرب وحيد لا يعتمد في تدريباته على الكرات المتوقفة ..- باستثناء جياش وهو فعل مهاري فردي -أو لا يتعامل بذكاء مهاري في تنوع تنفيذها ..و العدد 14 زاوية يقول أن المغرب يهاجم ..بل هو ضاغط ..و لكن بلا فعالية أي بلا حلول ..طبعا أحيان كثيرة يجد اللاعبون المهرة حلولا في التنفيذ و يسجلون و لكن الأقوم أن يجد المدربون هذه الحلول و من خلال تصحيحها و تفعيل نجاعتها في التداريب ..

و لو حاصرنا عطاء المغرب أمام موريتانيا و تساءلنا هل نفذ اللاعبون أو طبقوا عينيا أساسيات الكرة الحديثة التي ذكرنا ..المفروض أنهم و جلهم يلعبون في كبريات الأندية الأوروبية أن يفعلوا ..هل كانت التشكيلة توازي التوافق ..هل كانت الشاكلة مناسبة لهذه التشكيلة ..هل كان هناك تعارض في المهمات أي خلل في التموضعات ..هل كان وجود تاعرابت قريب من جياش حتى لو بدا ذلك فاعلا أم أدى للتداخل ..بل و الاصطدام أحيانا ..بين قوسين ..عادل تاعرابت هو أفضل و أقوى فرديا و تكتيكيا من الجميع و لعبه و تمريراته و لعبه من دون كرة و بحثه عن ايجاد الحلول تؤشر بشدة لنضجه و وصوله لقمة أدائه و لو سئل المدربون سيؤكدون هذا الأمر ..و لكن وضع جياش و تاعرابت بنفس المهمات أو تشابهها لم يخلق سوى التشويش و البلبلة التكتيكية لدى باقي اللاعبين ..مما أدى بوحيد ليس بإيجاد حل تكتيكي تموضعي على مستوى المساحات و لكن بتهميش أحدهما ولم يلعب تاعرابت أمام بوروندي ..

هل سدد اللاعبون المغاربة لمرمى الخصم من كل الزوايا …أمام بوروندي سددوا ولا أعرف هل هو تقويم من المدرب أم بادرة من لاعبي المغرب بحكم خبرتهم الاحترافية الخارجية ..هل فرضوا ضغطا هجوميا – بريسينغ – مسترسلا حتى التسجيل أو حتى يخطئ الخصم أمام مرماه ..و هناك فارق بين البريسينغ و التدفق الهجومي الخانق و بين أنك تستحوذ على الكرة و تتواجد في الأمام لأن الخصم ضعيف ..متراجع و فقط يقاوم لأن هذه إمكانياته ..

وقد حدث هذا بشكل واضح أمام بوروندي لأنه فريق بلا ملامح ..

هذه المناقشة تحتاج لوقت و تشريح و كل المؤشرات تدفعني لأختصر و أؤكد أن منتخب المغرب أكبر من إمكانات المدرب البوسني ..إمكاناته الفنية العتيقة ..ستجر كل العشاق المغاربة للكآبة و – الطاعون -..و سأضيف شيئا أومن به وهو أن أي من أسماء المدربين المغاربة المعروفين أو الحاضرين على الساحة سيقدمون مع أسود الأطلس عملا و نتيجة أفضل بمراحل من هذا الهراء الذي نرى…

و..

لابد ..و لابد أن نحيي و نشكر كل لاعبي المنتخب المغربي ..لأنهم يتوفرون على إمكانيات رائعة ..و لأن كل المغاربة أحسوا بحماسهم و جهدهم و تضحيتهم ..و كما يقول المثل الشعبي ..العيب في النكافة ماشي في زين العروسة ..

أعرف رأي الذين يدعون استحالة – اللعب – مع فريق يتكثل بقتامة في الخلف ..ولكن الحقيقة أنها حالة صعبة و ليست مستحيلة ..و لسنا مضطرين لأن نكون على هوى المدرب وحيد و نطالب الفيفا أن يخوض المغرب تصفياته في أوروبا ..و يواجه منتخبات تلعب كرة مفتوحة و جميلة أو كرة الشوكة و السكين ..على أن كرة القدم في افريقيا لها خصوصياتها ..مثلما لها التلقائية و المهارات الصارخة لها الحدة و الشراسة و تلقائية الانكماش و التفنن في ربح الوقت أو إضاعته ..نحن أفارقة و نمر لكل الواجهات من خلال افريقيا فلابد من تطبيق مثل عامي ..اللي عندو باب وحدا ..الله يسدها عليه ..لابد من البحث عن حلول ..

و بعد ..هل الأمر بكل هذه الصعوبة ..هل تغيير مدرب لم يوفق معنا صعب ..أعتقد أن الصعوبة الحقيقية في أن يظل هذا المدرب يعذب كل الرياضيين المغاربة ..و أن نهدر الوقت و يفوت الأوان ..و القرار لم يكن يوما بيد الأعلام أو الجماهير ..القرار دوما بيد أصحاب القرار ..فقط يجب ألا ينسوا أنهم محاسبون..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى