لوموند: الأراضي السلالية..”معركة” المرأة المغربية في درب المساواة
المحجوب داسع/ لوموند، بتصرف
كتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية، ان "معركة الأراضي السلالية في المغرب تتجسد المسار الصعب والطويل للمرأة المغربية للدفاع عن حقوقها"، مشيرة الى أنه بعدل كل هذه السنوات تمت المصادقة بمجلس النواب المغرب بالإجماع، على 3 مشاريع قوانين تتعلق بأراضي الجماعات السلالية"، وهي مشروع قانون رقم 63.17 يتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، ومشروع قانون رقم 62.17 يتعلق الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، علاوة على مشروع قانون رقم 64.17 يقضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن "مستغلي هذه الأراضي الجماعية، التي يطلق عليهم اسم "السلالية" ليس ملاكها، بل تقع تحت وصاية وزارة الداخلية، بموجب مرسوم صدر عام 1919 يعود تاريخه إلى عهد الحماية الفرنسية على المغرب، وعندما تتنازل الدولة عن هذه الأراضي، يتم طرد أصحاب الحقوق منها، مقابل حصولهم على تعويضات، والتي تحرم المرأة المغربية من الاستفادة منها في أحايين كثيرة.
هذه الأراضي، التي يتم شراؤها بأثمنة رمزية للمتر المربع، تصبح لها ذات قيمة كبيرة بمجرد بناؤها، كما أنها كلما كانت على مقربة من المدن الكبرى، فان جشع، ولعاب المستثمرين والمنعشين العقاريين، تسيل للحصول عليها، ليتم بالتالي طرد سكان القرى والقبائل. اجتذاب هؤلاء المنعشين يستمر في النمو في الوقت، الذي يرتكز فيه 40 في المائة من سكان المدن المغربية على الخط الساحلي الذي يبلغ طوله 150 كيلومترًا، والممتد من القنيطرة إلى الجديدة، مروراً بالدار البيضاء.
تقع أراضي قبيلة "أولاد سبيتة "في قلب جهة الرباط سلا القنيطرة. منطقة تعرف نموا متسارعا، كما أنها تولد 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي الوطني للمغرب.
يقول أحد المتظاهرين من المنطقة: "نحن لسنا ضد المشروع العقاري، بل نطالب بحقوقنا، نحن النساء والرجال والأطفال"، مضيفا :" نرغب في تعويضنا، وتعويض كل الشباب والشابات والرجال".
لتحديث تدبير الأراضي السلالية المنتشرة على مساحة 15 مليون هكتار، وتهم 10 مليون من أصحاب الحقوق في جميع أنحاء المغرب، تم إصدار ثلاثة مشاريع قوانين جديدة في الصيف الماضي، وفقا بعبد المجيد الحنكاري، عامل مدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية، مؤكدا أن هذه القوانين تروم وضع حد للأعراف المنافية، مضيفا أن" النساء استعدن حقوقهن في الملكية، وتملك بالأرض وتمثيل المجموعات العرقية".
لكن هذه التطورات لا تزال غير كافية بحسب ربيعة الناصري، عضوة الجمعية الديمقراطية للمرأة المغربية، التي واكبت إشكالية الأراضي السلالية في المغرب منذ عام 2007، التي تعتبر "اخراج هذه القوانين "انتصارا" للمرأة المغربية لأنها ذكرت في منطوقها الرجال والنساء، لكنها لم تنص صراحة على المساواة بين الجنسين فيما يخص امتلاك الأراضي"، وهو ما أمر مؤسف على حد قولها.
"مطالب النساء السلاليات لا تخص فقط المساواة، لأن الأراضي ضاعت في أحايين كثيرا للجميع سوءا للرجال أو النساء"، تقول سعاد إرادة، باحثة في علم الاجتماع، التي تتابع عن كثب العديد من مشاكل هذه الأراضي بما في ذلك قرية أولاد سبيتة".
وتقول سعيد السقاط، احدى متزعمات المتظاهرات بخصوص الأراضي السلاليات، أن وزارة الداخلية لاتقوم بعملها في حماية الأراضي من مافيات العقار"، متسائلة "هل المصلحة العامة هي تشييد ملاعب الكولف، الفلل، الشقق في هذه الأراضي؟
اتهامات يرد عليها العامل بوزارة الدخلية عبد المجيد الحنكاري، الذي يؤكد ان التشريع الجديد سيسمح بالقيام باستثمارات في هذه الأراضي لفائدة أصحاب الحقوق، مبرزا أنه وفقا لمنطوق مرسوم 1919، فان حق امتلاك وبيع هذه الأراضي يعود للدولة فقط في إطار مايسمى بالمصلحة العامة، عبر تفويتها للمؤسسات العمومية، والجماعات المحلية.
في خطابه سنة 2018، أمام مجلسي البرلمان، أكد الملك محمد السادس أن "تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي لا يمكن إلا أن تشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي وخاصة لذوي الحقوق. وهو ما قد يمكن من تعبئة، على الأقل، مليون هكتار إضافية من هذه الأراضي".
وتابع الملك في خطابه قائلا:" على غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فإنه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق".
وشدد الملك على القيام بذلك وفق شروط محددة تجمع بين الإنجاز الفعلي للمشاريع، والحد من التجزئة المفرطة للاستغلالات الفلاحية، وتوفير المواكبة التقنية والمالية المطلوب.
لم يتم تطبيق هذه القوانين العامة الجديدة في هذا المجال ، في انتظار نصوص التنفيذ. قبل إعلان النصر ، ما زال نشطاء القبائل والقبائل ينتظرون لمعرفة ما إذا كان نقل هذه الأراضي سيكون في الواقع لصالح أصحاب الحقوق ، على قدم المساواة مع النساء ، وليس فقط المستثمرين من القطاع الخاص.
القوانين الجديدة المتعلقة بالأراضي السلالية لم تدخل بعد حيز التنفيذ، لافتقارها الى نصوص تطبيقية، وهو ما دفع بنشطاء القبائل، وسكانها الى تأجيل إعلان "النصر" في معركة امتلاك الأرض، لأنهم ينتظرون معرفة ما إذا كان تمليك هذه الأراضي سيكون في الواقع لصالح ذوي الحقوق رجالا ونساء، على قدم المساواة، وليس فقط للمستثمرين من القطاع الخاص.