أخبار الدار

الملابس المستعملة..”البال” تحفة في عين المغاربة

الملابس القديمة، أو كما يسميها البعض "البال"، تعتبر من المغريات التي تسيل لعاب العديد من سكان مدينة الرباط، الذين يحجون ويتقاطرون على المدينة القديمة لاقتناء ما طاب لهم من هذه الملابس التي يعتبرونها فرصة مناسبة لسد احتياجاتهم من الملابس خصوصا منها المرتبطة بفصل الشتاء.

الأسواق التقليدية…ضالة الزبناء

تحظى الأسواق التقليدية التي تتميز بعرضها للملابس التقليدية بأجواء خاصة، إذ أن الخاصية الأولى المميزة لها هي أصوات الباعة المتجولين، التي ترتفع في جميع الأركان، ومن أقوى العبارات التي تجتاح مسامعك وأنت تتجول بين هذه اللابس، "فرصة مناسبة ملابس شتوية بأقل ثمن"، غير أن الملفت للانتباه أن هذه الحناجر التي ترفع أصواتها، تعكف يوميا على التعريف بالأثمنة الزهيدة للملابس دون أن تكل أو تمل، كما أنها لا تخش اللإصابة بإحدى الأمراض.  

يعتبر هذا الأمر مثيرا للاهتمام، الأمر الذي حمل ميكرو الدار على زيارة هذه الأسواق التقليدية بهدف مسائلة هؤلاء الباعة الذين  يعكفون طوال الأسبوع على إقناع الزبناء لاقتناء الاحتياجات الأساسية من "البال".

بائع ملابس قديمة: حرفة شاقة ولكن لا بديل

هو رجل طاعن في السن يبلغ 65 سنة أو هم يزيدون، يرتدي ثيابا وسمت عليها آثار الفقر بوضوح، يحتمي تحت خيمة صغيرة حيكت بالمواد البلاستيكية، يقول لنا في حديث حصري مع "الدار"، إن الاتجار في بيع الملابس البلية أو بلغته "الجوطية" لا يعتبر أمرا مربحا، ولكن "ألفنا الأمر فهذه حرفة ورثتها من أبي الذي علمني ألا أخضع أمام تقلبات الدهر، بل المقاومة الممانعة والصبر على مكابدة مشاق الحكاية هو عنوان اللعبة، أقصد لعبة الحياة"، بهذه الكلمات الثائرة اختار أن يتحدث البائع عن مهنته.

في السياق ذاته أشار أنه يتقلد مشاق إعالة أسرة بكاملها، لا تقتصر على الأبناء فقط إنما تشمل أحفاده أيضا، وهو الأمر الذي يعتبره مبعثا للفخر والاعتزاز، وأوضح أن هذه المهنة متعبة وتجعلك مكرها على السفر وشراء الملابس المستعملة "الخردة" بهدف بيعها من جديد على اعتبار أنها مواد تحظى باهتمام الناس المقبلين عليها.

التباري في جذب الزبناء زاد البائع  

الرجل الطاعن في السن والذي يدعى عبد الكريم، يحرص على التحلي بأعلى قدر ممكن من الصبر، حتى يتمكن من الاستجابة للمتطلبات الأساسية التي تفرضها ضرورات الحياة، خصوصا وأنه يقاوم لظى الحر وكذا البرد القارس الذي تحمله موجات البرد كلما حان موعد فصل الشتاء الذي يحط رحاله بكل ما أوتي من اضطرابات جوية وتقلبات.

وتتميز أجواء البيع الخاصة بهذه الملابس بارتفاع الأصوات المختلفة، فقد تسمع تارة أصواتا امدح الملابس البالية وتصفها بذات الجودة الحريرية، كما قد تسمع أثمنة بخسة تشجع على اقتناء أجود الملابس على حد تعبير الباعة بدراهم معدودات.

بيع الخردة … تجارة غير قانونية

غير أن الأمر الذي أثار الاهتمام من خلال الحديث إلى الباعة الذي ينشطون في هذه الحرفة، هو أن هناك مسارا محددا تسلكه هذه الملابس بدءا من العديد من الدول الأوربية وصولا إلى سبتة ومليلية ليتم شراءها بالجملة من قبل الباعة الذين يهتمون بهذه التجارة، الأمر الذي يدل على أن هذه التجارة ليست قانونية، بل يتم تهريبها دون أداء الضرائب والواجبات الأساسية التي تحددها الرسوم القانونية المرتبطة بالبيع والشراء خصوصا حينما يرتبط الأمر بكمية كبيرة من الملابس، التي يتم اقتناؤها بغرض الاتجار فيها وليس بهدف سد الاحتياجات الخاصة.

هذت ويفيد مجموعة من الزبناء الأوفياء للبال، أن ملابس البال تعتبر فرصة أساسية للزبناء، خصوصا فئة الفقراء منهم لكون فئة كبيرة ترتاد باستمرار على هذه الملابس، إذ تؤكد إحدى الزبونات أن هذه الملابس تتميز بجودتها العالية وأثمناها المناسبة، بل وأضافت أن هناك مجموعة من الماركات العالمية التي تتواجد في السوق الأخرى التي تعرض الملابس الجديدة، الأمر الذي تعتبره الزبونة عاملا مشجعا على اقتناء هذه الملابس.

ملابس مستعملة وقديمة …لكنها مغرية

هذا وأكد أحد أصحاب الملحات التجارية للملابس البالية، أن النساء يعتبرن النساء اللواتي يحرصن على الاقتناء الأسبوعي من هذه المحلات التي تعبرنها الوجهة المفضلة التي تشفي غليلهم بأقل ثمن ممكن، خصوصا وأن من النساء من تبحث عن فرادة السلع غير المنتشرة في الأسواق العصرية، ومن ثم فهي تجد ضالتها في أسواق "البال"، التي يمكن أن تجد فيه ما طاب من الأقمشة والمميزة.

أما عن كونها ملابس مستعملة، وحتمية اعتبارها قد تجعل صاحبها عرضة لمرض جلدي ما ينتقل بالعدوى، يؤكد أحد الزبناء أنهم يحرصون على تنظيفها جيدا وتجفيفها حتى تصير جاهزة للاستعمال، ولم يشكل هذا الأمر هاجسا يذكر من ذي قبل قط، بل يوما بعد آخر يزداد عدد الزبناء الأوفياء الذي يحجون كل يوما إلى هذه الأسواق.

أما عن الانعكاسات التي تعتبر وليدة الاستعمال اليومي للصوت، فهي واردة حيث يكون دائما البائع عرضة لمجموعة من الأمراض التي تهدد صوته وصحته، لكن وحسب أحد الباعة الذي امتنع بداية عن الإدلاء برأيه لكن بعد ذلك أفاد أنه يطلب من الله كلما فرغ من العمل أن يحفظ له صوته، خصوصا وأن هذا الأخير يعتبر الوسيلة الأساسية التي يعتد بها في سبيل التعريف بمنتجاته وتحفيز الزبناء على الشراء والاقتناء.

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى