تجدد العنف ضد المحتجين في العراق والسلطات تحظر بث قناة محلية
قتل عراقيان وأصيب عشرات بجروح الثلاثاء خلال أعمال عنف مرتبطة بالاحتجاجات المناهضة للحكومة، بعيد إصدار السلطات أمراً بحظر بث قناة محلية لمدة شهر، معروفة بتغطيتها المكثفة للتظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.
وتتواصل الاحتجاجات المطلبية التي يمثل جيل الشباب العنصر الفاعل فيها، رغم القمع والعنف الذي أدى إلى مقتل أكثر من 480 شخصاً، غالبيتهم العظمى من المتظاهرين، منذ اندلاع التظاهرات في الأول من أكتوبر، في بغداد ومدن جنوب البلاد.
ويطالب المحتجون بإجراء انتخابات مبكرة تستند إلى قانون انتخابي جديد، وتسمية رئيس وزراء بدلاً عن المستقيل عادل عبد المهدي ومحاسبة المسؤولين عن إراقة دماء المتظاهرين ومحاكمة الفاسدين.
وفي الكوت، كبرى مدن محافظ واسط الواقعة جنوب بغداد، قتل متظاهر بالرصاص واصيب 56 شخصا الثلاثاء بينهم 20 متظاهراً بالرصاص الحي، خلال صدامات مع قوات الأمن التي استخدمت أيضاً قنابل الغاز المسيل للدموع، وفقاً لمصادر طبية وأمنية. وأشارت المصادر إلى وجود عشرة جرحى من قوات الأمن.
وفي بغداد، اغتيل الأستاذ الجامعي محمد حسين علوان، أحد المشاركين في الاحتجاجات الطلابية وداعم للتظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهجوم مسلح لدى مروره بسيارته في شمال بغداد، وفقا لمصدر في الشرطة.
وأكد مصدر طبي أن جثته نقلت إلى أحد مستشفيات بغداد.
ويطالب ناشطون مدنيون ومتظاهرون، بوقف العنف وعمليات الخطف والاغتيال التي تستهدف المحتجين بهدف الترهيب.
على مقربة من ساحة التحرير الرمزية، معقل الاحتجاجات في بغداد، حاول متظاهرون يحملون درعاً محلي الصنع إغلاق شوارع وإلقاء حجارة ضد قوات مكافحة الشغب التي ردت بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.
وأصيب 15 متظاهراً بينهم ستة بالرصاص الحي في تلك المواجهات، وفقاً لمصادر طبية وأمنية.
وفي مدينة الناصرية المضطربة، تواصلت الاحتجاجات وتوافد متظاهرون غالبيتهم طلبة من مختلف المراحل الدراسية، إلى ساحة الحبوبي مركز الاحتجاجات، بحسب مراسل فرانس برس.
وقال المتظاهر جواد علي “خرجنا اليوم وسنتظاهر يومياً لدعم احتجاجات التحدي التاريخية، لنجدد مطالبنا بتسمية رئيس للحكومة وتصديق قانون الانتخابات الجديد وتحديد موعد انتخابات مبكرة”.
وأضاف أنه بخلاف ذلك “سنصعد الحراك السلمي في حال استمرار التسويف والمماطلة”.
وفشلت الأحزاب السياسية حتى الآن، بالتوصل لاتفاق على تسمية بديل لعبد المهدي، الذي استقال في ديسمبر، لكنه مازال يواصل مهامه كرئيس حكومة تصريف أعمال.
وتواجه الحكومة العراقية انتقادات لعدم بذلها جهوداً كافية لتأمين حماية الصحافيين العاملين في البلاد.
وذكرت مصادر إعلامية وأمنية الثلاثاء، أن السلطات أصدرت أمراً بإغلاق قناة “دجلة” التلفزيونية المحلية المعروفة بتغطيتها المكثفة للاحتجاجات المناهضة للسلطة لمدة شهر كامل.
وقال مصدر في هذه القناة لوكالة فرانس برس “قامت قوة من وزارة الداخلية ليل الاثنين بإغلاق تام لمكتب قناة دجلة في بغداد وطلبت من الكادر مغادرة المكان، بأسلوب لطيف واحترام كامل”.
وأكد ضابط في وزارة الداخلية لفرانس برس “قيام قوة من الشرطة بمداهمة وغلق مكتب قناة دجلة” الواقع في منطقة الجادرية ببغداد.
كما أكد مصدر في القناة لفرانس برس طلب عدم كشف هويته إن السلطات الأردنية أمرت المكتب الرئيسي في عمّان بالتوقف عن البث لمدة شهر.
وأوضح ان “الحكومة العراقية طلبت من الأردن وقف بث القناة لمدة شهر بدءاً من ليلة أمس، بناء على شكوى عراقية”، وبالفعل، انقطع الثلاثاء بث قناة دجلة.
وقد تولت دجلة تغطية متواصلة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد وغالبية مدن جنوب البلاد، منذ بداية أكتوبر، رغم الضغوط.
يذكر ان مكتبها في بغداد، تعرض خلال الأسبوع الأول من الاحتجاجات إلى مداهمة من مسلحين مجهولين.
وفي العاشر من يناير الحالي، اغتيل مراسلها في البصرة أحمد عبد الصمد (37 عاماً) وزميله المصور صفاء غالي (26 عاماً) بيد “مسلحين ينشطون داخل المدينة” الحدودية مع إيران وتسيطر عليها فصائل مسلحة موالية لطهران.
وفي العشرين من الشهر الحالي، انخرط أحد كبار مقدمي برامج القناة في جدل حاد مع المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء اللواء عبد الكريم خلف، على خلفية الاحتجاجات.
في غضون ذلك، تتصاعد الاحتجاجات المناهضة بسبب النفوذ الإيراني والتواجد الأميركي في العراق، على خلفية التوتر الذي يهدد بتحول الأراضي العراقية إلى ساحة صراع بين البلدين.
وتتهم واشنطن الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران بالوقوف وراء نحو 20 هجوماً صاروخياً، استهدفت المصالح الأميركية في البلاد.
وكان آخرها الأحد استهدف السفارة الأميركية، ما أدى إلى إصابة شخص بجروح.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنّ بومبيو عبّر خلال اتصال مع عبد المهدي عن “استيائه إزاء الهجمات المتكرّرة للجماعات المسلّحة التابعة لإيران على المنشآت الأميركية في العراق”.
من جهته كتب الوزير الأميركي في تغريدة على تويتر “يجب على الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات فورية لحماية منشآتنا الدبلوماسية كما ينصّ عليه القانون الدولي”.
واكتفى عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بالتنديد بتلك الهجمات واعتبارها أمراً خطيراً يهدد بزج بالبلاد بحرب جديدة.
المصدر: الدار ـ أ ف ب