تحاول الأم جاهدة جذب انتباه أولادها لفوائد بيتزا أعدتها بنفسها، مقابل الطعم اللذيذ في البيتزا الرخيصة في المطاعم، لكنها تفشل، كما فشلنا جميعنا مرات في تقليل المبالغ التي ننفقها على الوجبات السريعة.
لماذا نأكل الوجبات السريعة؟
أجرى الباحثون في كلية الطب بجامعة مينيسوتا دراسة على 600 شخص ممن يترددون على مطاعم الوجبات السريعة بكثرة، بين مراهقين وبالغين، بحسب موقع ويب ميد.
وأبلغ معظمهم عن تناولهم وجبات سريعة ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع، وبعد كل مرة كانوا يقيمون 11 سببا لتناولهم تلك الوجبة اليوم، بالنفي أو الإيجاب، لمدة عام كامل.
وفقا للنتيجة بالنسب المئوية لكل عبارة وافق عليها المشاركون أنها سبب اختيارهم، فقد تناول 92.3% وجبات سريعة لأنها خيار سريع، ووافق بنسبة 80% منهم على أنهم يحبون الوجبات السريعة، ورأوا 69% منهم أنها طعام غير مكلف، واختاروا سبب الانشغال الشديد 63%، وسبب كون الوجبات السريعة علاجا نفسيا وعاطفيا بنسبة 53%، وتراوحت بقية الأسباب بين نسب أقل مثل كونها طقسا عائليا، أو للاستمتاع بالوقت مع الأصدقاء.
وتلخصت النتائج في جانبين، أحدهما يمثل السرعة والراحة، والآخر يمثله المرح والتواصل مع الآخرين، وهي الأسباب التي يعتقدونها، لكنها ليست الأسباب الحقيقية.
طعام جيد أم لذيذ؟
هل سبق لك أن لاحظت أن للوجبات السريعة الرائحة نفسها؟ وهل سألت نفسك مرارا عن سر الخلطة التي تجعل البرغر الذي تتناوله على ناصية الشارع أفضل مما تصنعه بالمنزل؟ سبب ذلك هو احتواؤها على الملح والدهون والبصل المخلوط بالزيت الساخن، وأطنان الجبن، والبطاطس المقلية، أو أطنان الشوكولاتة، والحليب المكثف، وسكر الغلوكوز، وخاصة شراب الذرة عالي الفركتوز في الحلويات، والعصائر، والمشروبات الغازية.
يقول دكتور ستيفن أ. ويذرلي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة تيكنيكال برودكتس -شركة استشارية للأغذية في كاليفورنيا- أن الوجبات السريعة تخدعنا بما تحويه من ملح ودهون، لأن المخ يحب الملح والدهون والسكر. فلا تؤثر الوجبات السريعة على استقبال اللسان للطعم اللذيذ، ولكنها تؤثر على المخ في استقباله للطعام “الممتع” و”غير الممتع” حسب كمية الدهون والملح، اللذين يرفعان هرمون الإنسولين واللبتين، المؤثران على انطباع المخ عن طعام معين، وربما يفسر ذلك تفضيل البطاطس المقلية على المسلوقة والمشوية.
اللسان حارس البوابة الأعمى
اتفق العلماء على أن اللسان يميز الطعم المالح والحلو والمر والحامض، لكنه لا يميز طعما مثل صلصة الصويا والرانش والجبن البارميزان، ويجمعهم تحت خانة الطعم الممتع. بخلاف ذلك لا يعرف اللسان للفلفل الحار طعما، ولا يتذوقه، لكنه يسبب تهيجا في جلد الخد الداخلي، وكذلك الكربون الذي يسبب تهيجا مشابها، فيثير المخ. مما يعني أن اللسان يلتقط الإشارة مباشرة فقط، ويرسلها إلى المخ ليفسرها ويدمجها مع الأطعم الأخرى، ويحولها إلى أحاسيس وعواطف.
ربما يدفعنا هذا للسؤال عن سبب تحول طعم أية وجبة بمجرد إضافة الكاتشب لها، أو تناول المعكرونة المسلوقة بمجرد إضافة جبن البارميزان.
متلازمة الطعام الصيني
لا يمكننا وصف طعم البرغر أو البيتزا والطعام الصيني إلا بكونه لذيذا، والغريب أن “لذيذ” طعم ابتكره اليابانيون بالفعل، وأطلقوه على الطهي البطيء، ذلك الذي نقلي فيه البصل في الزيت، ونضيف صلصة الصويا أو الكاتشب على الزيت الحار، وترك الخليط على نار هادئة لفترة طويلة لمذاق أقوى.
سبب هذا الطعم اللذيذ الموجود في الأطعمة القليلة الدهون كالطعام الصيني والكاتشب وصلصات الطعام هو نوع شائع من التوابل الصناعية، اسمه ملح “غلوتومات أحادية الصوديوم”، وهو ملح رخيص جدا ينتشر استخدامه في المطاعم لسعره ولقدرته على إضافة طعم خاص للأكل، بحسب صحيفة غارديان البريطانية.
ولهذا السبب فإنك إذا أعددت طعاما صينيا في المنزل لن تحصل على الطعم نفسه، إلا إذا استخدمت صلصات الطعام الجاهزة، كصوص الصويا، أو الكاتشب، أو أضفت جبن البارميزان للمكرونة، كما أنه سبب في حبنا لوجبة الإندومي الشهيرة.
ويتبع تناولها مجموعة من الأعراض مثل الصداع والغثيان والشعور الغريب بالخدر، وهو ما يطلق عليه “متلازمة المطعم الصيني”، التي لن تحدث لك إلا في المطاعم الرخيصة. لكن الأغرب أن السبب الأكبر لحبنا للأطعمة التي تحتوي على “غلوتومات أحادية الصوديوم”، وعودتنا لها مرارا، هو أنه مكون طبيعي في الأصل وموجود في حليب الأم، بحسب الغارديان.
تأثير الطعام “اللذيذ” على عقلك
إذا قررت موازنة الأمور وكسر سيطرة البرغر والبيتزا عليك، يمكنك اتباع خطوات بسيطة، فليس عليك التوقف عن تناول السكر والملح، لكن عليك الامتناع عن تناول السكر المكرر والسكروز وشراب الذرة عالي الفركتوز لأنها تزيد من نسبة الإنسولين وتتسبب في تخزين الدهون بالجسم.
لا تتخل أيضا عن الكربوهيدرات، ولكن تناول الكربوهيدرات المعقدة كالحبوب الكاملة والفاصوليا. ولا تضف ملحا على الطعام إلا بعد تذوقه. وتناول الأطعمة ذات الحجم الكبير والسعرات الحرارية القليلة، كالسلطة، لتملأ معدتك بسرعة. وابتعد عن الدهون المشبعة الموجودة في المقليات بكل المطاعم، واستبدلها بزيت الزيتون والكتان والسمك في مطبخك، لأن الجسم لا يخزنها كدهون.
يمكنك تناول طعامك ببطء، في المطعم أو المنزل لتمنح عقلك وقتا ليدرك أنك اكتفيت. وهناك طرق أخرى إذا كنت تطلب الوجبات السريعة لتخفيف أحزانك ليلا، كشرب الأعشاب المهدئة مثل اللافندر والينسون والكاموميل.
المصدر : مواقع إلكترونية