طلحة جبريل
أختم اليوم هـذه الحكايات عن “محمد خيا” بائع الصحف الذي كان يبيعها ليلا في شارع محمد الخامس بالرباط ، والذي توارى عن الأنظار، منذ فترة طويلة. ظل محمد خيا يتحسر على ذلك المساء الذي أضاع فيها فرصة كانت ستسعده وأسرته إلى الأبد.
ذلك اليوم جاء عنده رجل تبدو عليه ملامح الهيبة. يرتدي نظارات وجلباباً أنيقاً. اشترى منه أربع صحف يومية. لا يتذكر خيا أسماء تلك الصحف. منحته تلك الشخصية 200 درهم في حين أن سعر الصحف الأربع لا يزيد وقتها عن ثمانية دراهم ، حين لمح محمد خيا ورقة 200 درهم تحدث محتداً على اساس انه لا يتوفر على “صرف”. إقترح عليه الرجل ان يأخذ كل المبلغ مقابل الصحف الأربع. لاحظ خيا أن حراساً كانوا برفقة تلك الشخصية وقفوا بعيداً يراقبون كل شيء. فأدرك خيا أنها شخصية مهمة. لم يفطن خيا للأمر ولم يعرف سر تلك الشخصية إلا في اليوم التالي عندما جاء إليه رجال أمن واستفسروه عن الحوار الذي دار بينه وبين الشخصية المهيبة.
قالوا له إن ذلك الشخص لم يكن سوى الملك الحسن الثاني وأنه كان بإمكانه أن يطلب منه ما يريد، والمؤكد أن طلبه كان سيلبى.
ظل خيا يتحسر على فرصة العمر التي طارت.لا أحد يجيء في الليالي الباردة الماطرة. يجلس خيا فوق الصحف المكدسة ويكتفي بمص لفائف التبغ. في آخر الليل يعود بالصحف إلى حيث مكتب شركة التوزيع ويرجع إلى أطفاله منهك بالخيبات.