المغاربة والمقاهي.. علاقة رومانسية أفسدتها “كورونا”
الدار/ رضا النهري:
تسوء علاقات الناس مع بعضهم البعض باستمرار، ويتخاصم أفراد الأسرة الواحدة، أحيانا، إلى حد القطيعة، وتنقطع الأرحام بين الناس لسنوات، لكن من الصعب أن تنقطع الصلة بين الناس والمقاهي.
المقاهي، في العالم كله، حضن من لا حضن، وفي المغرب تتجاوز ذلك لكي تصبح الأخ والصديق والأب والأم، وأيضا الحزب السياسي والمنتدى الفكري والغرفة الأولى والثانية والموالاة والمعارضة.. وكل شيء.
إذا عدنا إلى السنوات التي خلت فمن الصعب أن نحدد تواريخ معينة أقفلت فيها المقاهي في المغرب، لكن في عز النشاط النقابي والإضرابات العامة كانت المقاهي تقفل ليوم واحد فقط لا غير، ولم تكن تقفل كلها في غالب الأحيان، ومع ذلك فإن إقفال المقاهي لبضع ساعات فقط يجعل الناس يحسون بكثير من الفقد وكأنهم فارقوا عزيزا لديهم، ولم يكن أحد من قبل، حتى لو كان جامح الخيال، يتوقع أن يأتي يوم، بل أيام طويلة، تقفل فيها المقاهي كل هذه المدة.
يمكن للمطاعم أن تقفل فيستغني الناس عنها بسهولة، وتقفل المدارس أيضا فيجد الناس البديل، لكن حين تقفل المقاهي فإن الناس يحسون بيتم غريب لأنهم تعودوا على جعل المقهى يحظى بمرتبة رفيعة بعد البيت، وفي أحيان كثيرة تأتي المقهى في المقدمة وبعدها البيت، ففيها لا نكد ولا منغصات، فقط شلة الأصدقاء والتلفزيون ومباريات الكرة والنقاشات التي تمتد من الكرة حتى مصارين السياسة، وفي النهاية لا أحد يحس أنه انهزم. كل الناس ينتصرون في المقهى.
من الجميل أن نتخيل الآن أن فيروس “كورونا” انحسر كثيرا إلى حد عادت الحياة إلى طبيعتها، وأول شيء سيعود إلى طبيعته هي المقاهي التي ستفتح أبوابها على مصراعيها مثل أم حنون، حينذاك سيبدو الوضع شبيها بالعيد، وسنرى الفرحة الطفولية على وجوه البالغين كما نراها على وجوه الأطفال في يوم العيد وهم يرفلون في ملابسهم الجديدة.
إنها فعلا علاقة رومانسية أفسدتها هذا “الكورونا” المشاكسة فوق العادة.