بقلم : يونس التايب
صباح الخير و الرحمة عليكم جميعا … عزاؤنا واحد ….
أتقدم إليكم جميعا، وإلى من بقي من أبناء فقيدكم أو فقيدتكم، بخالص العزاء والمواساة في مصابكم الجلل. رحم الله من رحلوا وأسكنهم فسيح جنانه.
كل يوم نقرأ خبر وفاة ضحية جديدة في هذا الظرف الخاص جدا، نتأثر لألم حرقة جديدة ألمت بأسرة مغربية إضافية، ويصلنا حزنكم بقوة لا تسعف الحديث عنه معاني الكلمات. نتصور إحساسكم بحجم الخسارة و وحشة الفراق، فيذكرنا ألمكم بألم فراق من ماتوا من أحبابنا، كما يذكرنا بأحباب آخرين لا زالوا بيننا، و لا نستطيع أن نصلهم في هذه الظروف الصعبة التي نمر منها.
عزاؤنا واحد. هي هكذا الحياة، لا بد نحن مفارقون لأحبابنا أو هم لنا مفارقون. و والله إنه لأفق مزلزل لنا جميعا، و لا نقول إلا ما يرضي الله، أن له ما أعطى و له ما أخذ. تلك سنته في خلقه، بقدره و قضاءه، و لا راد لقضاء الله.
ماذا عسايا أقول لكم ؟…
تختلط الكلمات والمعاني، إنما ثقوا أن ألمكم يصل إلى روح فقيدكم أو فقيدتكم، قبل أن نقرأ نحن خبر وفاة شخص جديد، وأبشروا أن الراحلين هم الآن بين يدي الرحمان الرحيم حيث لا شك سينالون مغفرة منه ورضوانا. وهم لا يرجون منا الآن سوى دعاء خالصا لهم، وثقة بأن الله ما أخذهم إلى جواره إلا ليرضيهم بما هو أفضل مما في دنيانا.
فأرجوكم خذوا بيد بعضكم البعض في أسرتكم، واعتنوا بمن بقي حيا، وحافظوا على شموخكم وعلى أنفتكم وعلى وحدتكم وعلى صلابتكم من أجل ذكرى روح فقيدكم أو فقيدتكم، ومن أجل خير باقي أفراد العائلة، ومن أجل أن تبقى لكم جميعا القدرة على الحياة و على الدعاء لهم باستمرار بالرحمة وجنة الخلد، ومن أجلنا نحن أيضا أبناء هذا الوطن الغالي الذين نئلم لما أصابكم.
ظروف الجنائز مريرة. لكنها في ظروف حالة الطوارئ الصحية تكون أشد وطأة، حيث لا شيء مما كنا نقوم به في جنائزنا من قرب اجتماعي ومن مراسيم يمكن القيام به الآن، لا قرآن سيقرأ جماعة، و لا دفئ وحميمية قرب الأهل والأصدقاء سيكون متاحا، ولا شيء مما عهدناه … ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم…
لكن، لا تيأسوا و لا تقنطوا و ثقوا أن الأحبة يلتقون ولو افترقوا في هذه الحياة الدنيا. كما أن للأرواح قدرة على أن لا تفترق أبدا حتى ولو كانت في عوالم مختلفة. لذلك، اجعلوا من دعائكم تواصلا مع أرواح من رحلوا، يحمل إليها ما كان الراحلون يحبون سماعه. وثقوا أن كلماتكم ستصلهم وأن دعاءكم لهم سيصلهم وسينفعهم وسيفرحون به.
تمالكوا أنفسكم و كونوا كما كان فقيدكم أو فقيدتكم يعتزون بكم وبجديتكم وطموحاتكم، وقد كنتم بالنسبة لهم جواهر نفيسة يفتخرون بها.
أخفوا الألم و الدموع وراء ابتسامة رضا، كما كان الراحلون يحبون رؤيتكم. ابتسموا باحتساب و يقين أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة والصمود و الأمل، وما يستوجب العمل لما فيه مصلحة الوطن وخير أبنائه وحسن الخاتمة، إلى أن يأتي قضاء الله وقدره.
وتذكروا أن من رحلوا هم شهداء هذه الأمة و ضحايا جائحة وبائية ضربتنا كما ضربت العالم، و لا شك أن الأمة المغربية ستنتصر كما انتصر أجدادنا عند كل الملاحم الوطنية التي خاضوها.
عزاؤنا واحد … ومحبتي الأخوية وتقديري لكم و لكل أصدقائي الذين فقدوا أبائهم أو أمهاتهم أو أبنائهم …