الدار/ رضا النهري:
في الوقت الذي ترتعد فرائص العالم من فيرو”كورونا” ويتخذ الناس أقصى الاحتياطات من أجل مواجهته، فإن المهاجرين الأفارقة في منطقة “إيخيدو” (جنوب شرق إسبانيا) ومناطق أخرى، يعيشون أوضاعا أسوأ بكثير من أي فيروس، ويمضون سنوات من حياتهم في أكواخ بئيسة تفتقر لكل مقومات العيش الكريم، بينما يمضون نهارهم في العمل الشاق في الحقول الشاسعة المغطاة، التي تفوق درجات الحرارة داخلها الخمسين درجة في كثير من الأحيان.
ونقلت صحيفة “لاراثون” الإسبانية معاناة هؤلاء المهاجرين من خلال تحقيق مطول كشفت فيه عن معاناة كبيرة يصغر أمامها أي وباء، حيث سرد المهاجرون تفاصيل دقيقة عن حياتهم اليومية التي لا يأبهون فيها بالمخاوف السائدة من الفيروس، حيث انهم لا يأكلون سوى مرة واحدة في اليوم، ولا يتوفرون على مراحيض او مجاري الصرف الصحي، ويضطرون للانتقال الى مناطق بعيدة من أجل جلب مياه الشرب.
ويعيش عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة فيما يشبه مخيمات لاجئين في حقول ألمرية وإيخيدو في الجنوب الشرقي، وأخرون في حقول موغير وويلبا في الجنوب الغربي على الحدود مع البرتغال، وهم يشكلون ما يشبه عبيد القرون الوسطى، حيث يشتغلون في ظروف اقل ما يقال عنها انها مهينة للكرامة الانسانية.
ويقول مهاجر من غينيا ان من يعيش في كوخ من كارتون او بلاستيك بمساحة اربعة أمتار وبدون أدنى مقومات العيش لا يمكنه ان يخاف من فيروس غير مرئي،. ويعيش المهاجرون في هذه المناطق بشكل معزول تماماً عن العالم، ولا يتوفرون على أقنعة خاصة بالفيروس، كما لم أجتزرهم أية هيأة طبية على الرغم من ان إسبانيا تحتل المرتبة الأولى أوربيا والثانية عالميا في عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا.
وفي كل ليلة يتكدس قرابة عشرة مهاجرين في الكوخ الواحد بعد عودتهم من الحقول، ولا تتيح لهم الظروف الاغتسال او الحصول على وجبات صحية، بينما يستمعون الى أخبار الفيروس عبر أجهزة راديو صغيرة تعمل بالبطاريات، لانه لا يوجد كهرباء في المنطقة.
ووصل اغلب هؤلاء المهاجرين الى اسبانيا عبر قوارب الموت، وعادة ما يلجؤون الى هذه الحقول للاحتماء بها من مطاردة الشرطة والحصول على عمل متوفر، لكنه شاق جداً، بينما السلطات تغض الطرف عن وجودهم لأنهم يشكلون اليد العالمة الوحيدة المتوفرة في هذه الحقول التي تدر على أصحابها ذهبا.