الدار/ رضا النهري:
في روسيا، ترتفع الإصابات بفيروس “كورونا” بمعدل يفوق العشرة آلاف إصابة يوميا، ومع ذلك فإن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ألقى خطابا مطولا مؤخراً أعلن فيه بدء تخفيف إجراءات الطوارئ الصحية، وترك الهامش واسعا لحكام المناطق باتخاذ ما يلزم حسب الأرقام المسجلة في كل منطقة.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اعلى معدل من الوفيات والإصابات عالميا، يدعم الرئيس دونالد ترامب خطة لبدء تخفيف قواعد الحجر الصحي والعودة التدريجية الى ممارسة الانشطة الاقتصادية، بما فيها غير الضرورية، مثل عودة مصنع السيارات العملاق “تسيلا” للعمل في أقرب الأوقات.
وفي بريطانيا لم يتردد رئيس الوزراء، بوريس جونسون، الذي نجا من موت وشيك بفعل فيروس كورونا، في دعم إجراءات تخفيف الحجر الصحي، حيث أصيبت بريطانيا بالصدمة في أول يوم من التخفيف، وبدا وكأن البلاد كلها خرجت الى الشارع، مما جعل جونسن يهدد بإعادة تشديد الحجر.
وفي ايطاليا، التي عاشت نكبة حقيقية بفعل الفيروس، خصوصا في المدن الكبرى مثل ميلان، شهدت اولى ايام تخفيف الحجر خروج موجات بشرية الى الشارع، وكثيرون منهم من دون كمامات، وبدا ان البلاد تعيش انفصاما غريبا في الشخصية، بين بلد كان رمزا لشراسة الفيروس، فصار نموذجا للتمرد على الحجر.
وفي إسبانيا، تدرس حكومة مدريد امكانية تمديد للحجر الصحي لشهر كامل، في وقت بدأت إجراءات التخفيف من الحجر الصحي، حيث تسير البلاد بسرعتين متناقضتين، واحدة تهرب الى الامام، والأخرى تعود الى الخلف، وهو ما تسبب في انقسامات سياسية غير مسبوقة حتى داخل حكومة بيدرو سانشيز، الحديثة التشكيل.
هذه نماذج من مظاهر التناقض الصارخ الذي يعيشه العالم حاليا، بين من يريدون الخروج من الحجر نحو مستقبل غامض، وبين من يطالبون بضرورة التريث، خصوصا وأن خبراء منظمة الصحة العالمية لا يزالون يدقون أجراس الخطر حول التمرد على الحجر الصحي، ينضاف الى ذلك التصريحات شبه اليائسة من امكانية صنع لقاح مضاد للفيروس.
هذه الحيرة العالمية قد تتحول الى نكبة حقيقية في حال عاود الفيروس الانتشار بشراسة اكبر، حيث من الصعب التكهن بمستقبل البشرية، ليس في المجال الصحي فقط، بل في كل المجالات التي ستشهد انهيارا شبه كامل.