انقسامات داخل اليمين القومي الألماني توهنه على المستوى الوطني
بعد انتعاشه إلى حد كبير، بات اليمين القومي في ألمانيا اليوم في وضع هش ناتج عن تصفية حسابات داخلية بين المعتدلين والمقربين من تيار النازيين الجدد، في حين ترتفع شعبية أنغيلا ميركل، عدوته اللدودة، على المستوى الوطني.
وتفجرت هذه الحرب الداخلية التي تتمخض منذ أشهر حول التوجه السياسي لحركة اليمين المتطرف، خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد قرار إدارة حزب البديل من أجل ألمانيا استبعاد أحد كوادره، أندرياس كالبيتز.
والسبب الرسمي لهذا العزل هو أن كالبيتز، مسؤول الحزب في منطقة براندنبورغ المحيطة ببرلين، أخفى عند انضمامه للحزب حقيقة انتمائه السابق لمجموعة من النازيين الجدد باسم “شباب ألمان أوفياء للوطن”.
وتم اتخاذ قرار إقالة كالبيتز بتحفيز من التيار المسمى بالمعتدل في أوساط الحزب، التابع ليورغ موتن، أحد رئيسيه.
وموتن مؤيد لاستراتيجية لتحسين صورة الحزب، مشابهة لما قامت به مارين لوبن لحزب الجبهة الوطنية الفرنسي، أملاً في جعل البديل من أجل ألمانيا القوة الرئيسية في يمين الساحة السياسية الألمانية.
وفي حديث لقناة “ا أر دي”، قال موتن وهو أستاذ اقتصاد “نحن حزب محافظ تقليدي. علينا أن نظهر تماسكنا لكن علينا بوضوح فصل أنفسنا عن مواقف اليمين المتطرف”.
من جهته كالبيتز ندد بـ”خطأ سياسي” وتعهد بالطعن في هذا القرار. وحذر من أنه “إذا كان هذا القرار مدفوعا بأمل الحصول على قبول الأحزاب القائمة وخصومنا السياسيين، فسيكون مآله الفشل”.
وأدى طرده إلى موجة شجب من جانب الجناح الأكثر تشددا في حزب البديل من أجل ألمانيا، المنضوي تحت منظرّه بيورن هوكيه، الذي يمثل وفق تقديرات نحو ثلث المنتمين إلى الحزب، وشعبيته إلى ارتفاع منذ أشهر.
وفي رسالة فيديو اتهم هوكيه مستخدماً مفردات تذكر بالأيام الأكثر قتامةً في التاريخ الألماني، خصومه في المكتب السياسي لحزب البديل من أجل ألمانيا بأنهم مذنبون “بارتكاب خيانة بحق الحزب”.
ووجه انتقادات إلى يورغ موتن ومسؤولة الحزب في برلين بياتريكس فون شتورش، معتبراً أنهما يحاولان منع الحزب من تقديم “بديل” حقيقي عبر جعله أكثر برجوازية.
وقال هوكيه كذلك “لن أسمح بتقسيم حزبنا وإنهاء وجوده”.
وتصاعد الخلاف الداخلي في حزب البديل من أجل ألمانيا بعد قرار السلطات في مارس وضع جناحه الراديكالي المسمى “الجناح” تحت رقابة الشرطة للاشتباه بقربه من تيار النازيين الجدد، وبدافع أنه يمثل “تهديداً” للديموقراطية.
ومذاك وخشية من فقدان تأييد الرأي العام، يواصل المعتدلون في الحزب إضعاف الجناح الأكثر تطرفاً.
ومطلع ابريل، أثار موتن علناً فكرة تقسيم الحزب، قبل التخلي عنها نتيجة للغضب الداخلي منها.
تتداعى شعبية اليمين القومي على المستوى الوطني أيضاً، فهو إذ نجح من جعل شرق البلاد الأكثر فقراً معقلاً له، إلا أنه يواجه صعوبات في تحقيق تأييد قوي في المناطق الأخرى من البلاد.
وبعد صعوده المذهل خلال الانتخابات التشريعية في عام 2017 في أعقاب أزمة المهاجرين، حين حصد نسبة 12,6% من الأصوات وبات القوة المعارضة الرئيسية في مجلس النواب الألماني، لم يحظ الحزب إلا بتأييد نسبته 10% في استطلاع لشبكة “تسي دي أف” نشر الجمعة.
وجعل وباء كوفيد-19 قضاياه المركزية مثل أزمة الهجرة ثانوية في المشهد السياسي في البلاد، في حين تحقق عدوته اللدودة وهدف انتقاداته المركزي أنغيلا ميركل شعبية قياسية من جديد نظراً لطريقة إدارة حكومتها ازمة الفيروس، وبقاء ألمانيا أقل تضرراً من جيرانها.
مع ذلك، يسعى حزب البديل من أجل ألمانيا إلى تحقيق بعض المكاسب بدعمه التظاهرات المناهضة لقيود العزل في البلاد والتي تزدهر شيئاً فشيئاً. وتظاهر الآلاف أيضاً السبت.
وقال رئيس هيئة المخابرات الداخلية الألمانية توماس هالدنفانغ لصحيفة “دي فيلت” الأحد “نراقب توجهاً يظهر أن المتطرفين، خصوصاً في اليمين، يستغلون التظاهرات”.
المصدر: الدار ـ أ ف ب