إسبانيا .. حالة الطوارئ الصحية والتدابير القانونية الزجرية تحمي الأمن الصحي للمواطن
على الرغم من التخفيف التدريجي للقيود المفروضة في إطار حالة الطوارئ المعلنة في إسبانيا منذ أكثر من شهرين لمواجهة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد لا تزال السلطات الإسبانية تواصل تفعيل مقتضيات الحجر الصحي وزجر المخالفين لمقتضيات التدابير الاحترازية التي لا تزال سارية بالبلاد من أجل حماية الأمن الصحي للمواطنين .
ولا تتوانى مختلف قوات وأجهزة الأمن الوطنية والجهوية والمحلية التي عهد إليها بتتبع ومراقبة وضبط الالتزام بمقتضيات حالة الطوارئ التي ستبقى سارية حتى 7 يونيو المقبل عن التدخل عبر مجموع التراب الإسباني لضبط المخالفين وردع منتهكي قوانين الطوارئ الصحية من خلال تنظيم دوريات والقيام بمهام التفتيش والمداهمات بمختلف جهات وأقاليم البلاد مع الحرص على المراقبة الصارمة للحركة وتنقل الأشخاص وكذا للتجمعات وفرض احترام مقتضيات التباعد الاجتماعي ومسافة الأمان المطلوبة وكذا إلزامية ارتداء الأقنعة الواقية .
وحسب هلال تاركو الحليمي رئيس “جمعية المحامين المغاربة ومن أصل مغربي الممارسين بالخارج” فإن حالة الطوارئ التي أعلنت في إسبانيا منذ 14 مارس طبقا للفصل 116 من الدستور الإسباني (1978) وقانون حالة الطوارئ الصادر عام 1984 من أجل التصدي لانتشار فيروس كورونا المستجد تهدف بالأساس إلى حماية الصحة العامة والأمن الصحي للمواطنين .
وقال الحقوقي المغربي هلال تاركو الحليمي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن الهدف الأسمى للإعلان عن حالة الطوارئ لدى كل الدول المجتمعات وما تقتضيه من تدابير وإجراءات احترازية وعقوبات زجرية قد تمس بالفعل ببعض الحقوق الأساسية خاصة حرية التنقل والحركة والتجوال والتجمع يبقى في الأول والأخير هو حماية حياة المواطن وتكريس الأمن الصحي للساكنة من خلال حصر انتشار الأوبئة والحد من انتقال العدوى .
وأوضح تاركو الحليمي المحامي الذي يرأس كذلك ” جمعية المحامين من أصل مغربي الممارسين بإسبانيا ” أن الحكومة الإسبانية اعتمدت حالة الطوارئ الصحية طبقا لما يخوله لها الدستور في مادته الثانية من الفصل 116 والمادة 4 من قانون الطوارئ وفرضت الحجر الصحي كما منعت التجمعات والتنقل والتجوال غير المبرر وذلك بغية الحد من تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وتقليص انتشاره بين الناس .
وأشار إلى أن هذه القرارات حتى وإن تم فرضها طبقا لمقتضيات الدستور فإنها ستبقى فارغة من محتواها الأساسي المتمثل في حماية صحة السكان إذا لم تكن مصحوبة بتدابير وإجراءات زجرية وهو ما تنص عليه المادة 10 من قانون حالة الطوارئ التي تعتبر أن كل خرق للإجراءات المنصوص عليها أو العصيان وعدم الامتثال للسلطات الساهرة على تنفيذ مقتضيات حالة الطوارىء سيعاقب طبقا للقوانين الأربعة وهي قانون حماية الأمن الوطني والقانون العام للصحة العامة وقانون النظام العام للحماية المدنية بالإضافة إلى القانون الجنائي .
وقال إن كل هذه النصوص القانونية التي تؤطر حالة الطوارئ الصحية تتضمن بالتفصيل العقوبات الزجرية والغرامات المالية للمخالفين والتي قد تتراوح حسب القانون العام للصحة في مادته 57 ما بين 3000 و 600 ألف أورو ونفس الأمر بالنسبة لقانون النظام العام للحماية المدنية الذي يحدد في مادته 45 العقوبة المالية لمنتهكي مقتضيات حالة الطوارئ في 1500 أورو للمخالفات الإدارية الخفيفة و 600 ألف أورو للمخالفات الخطيرة .
وأوضح الحقوقي المغربي أن هناك بعض المخالفات والتصرفات غير المسؤولة التي يقوم بها بعض الأشخاص في ظل سريان حالة الطوارئ تستدعي تدخل القانون الجنائي وصرامة أكثر من قبيل عصيان السلطات والاعتداء على الموظفين وقوات الأمن أو رجال الصحة أثناء مزاولتهم لمهامهم والتي تفرض عقوبات حبسية تتراوح ما بين سنة وأربع سنوات سجنا مصحوبة بغرامة مالية ما بين 3 وستة أشهر ” لأنه حسب القانون الجنائي الإسباني فإن الغرامة المالية تتحدد بالأيام والقاضي هو من يحدد القدر المالي عن كل يوم مع مراعاة الحالة المادية للمتهم ” .
وشدد على أن السلطات الإسبانية تعاملت بكل الصرامة اللازمة مع التصرفات الغير المسؤولة لبعض الأشخاص وقامت بتفعيل القانون لمواجهة المخالفين على اعتبار أن الصحة العامة هي خط أحمر وكل استهتار يجب على الدولة أن تواجهه بقوة القانون وهو ما قامت به السلطات التي بتفعيلها لكل الآليات القانونية لحماية الأمن الصحي لمواطنيها بحيث تم إلى حدود الآن إلقاء القبض على أكثر من 8500 شخص وفرضت غرامات مالية على أكثر من مليون و 400 ألف شخص آخر .