دراسة تدعو الى تعميم مقاربة “التثقيف بالنظير” لمحاربة الانتحار والتطرف في أوساط الشباب المغربي
الدار/ خاص
أكدت دراسة حديثة أن مقاربة التثقيف بالنظير التي اعتمدها المغرب للوقاية من السلوكيات الخطرة، وعلى رأسها الإدمان، والتطرف حققت نتائج مرضية، غير أن هناك أوجه قصور يتعين تداركها بهذه الخصوص.
وأوضحت الدراسة المعنونة بـ” مقاربة التثقيف بالنظير في المغرب: دراسة لجرد وتحليل التجارب ذات الصلة” أن ” مايفسر الحصيلة الدونية أو المحدودة لتطبيق مقاربة التثقيف بالنظير في غالب المؤسسات الوطنية التي شملتها الدراسة، هو أنها ترتبط بأشخاص وليس بأجهزة مؤسستية بالشكل الذي يسمح بالمحاسبة، وهي ملاحظة تسري على كافة القطاعات والمؤسسات في المجتمع المغربي، تؤكد الدراسة.
الدراسة، التي أعدها مركز “الدراسات والأبحاث في القيم”، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، اعتبرت أن الحاجة أضحت ماسة لمأسسة توظيف مقاربة التثقيف بالنظير و عدم اعتبارها مجهودا ذاتيا تطوعيا”، مؤكدة أنه لايجب اشراك المثقف النظير في مجال التثقيف فقط، بل يتعين اعتباره أيضا كشخص مورد، يمكن أن يساعد في تقديم أفكار، وتصحيح التوجهات الاستراتيجية، والمشاركة في صناعة السياسات والقرارات.
من ناحية أخرى، قالت الدراسة ان “الرابطة المحمدية للعلماء اعتمدت مقاربة التثقيف بالنظير في مجال محاربة السلوكيات الخطرة، كالادمان والتطرف والإرهاب، من خلال اعداد “دليل تكوين مكوني المثقفين النظراء”، وهو ما حظي باستحسان أعلى سلطة في البلاد، جلالة الملك محمد السادس، الذي حث على جعل المقاربة أساسية في صفوف القوات المسلحة الملكية”.
وأكدت الدراسة أن جهود الرابطة المحمدية للعلماء تمخضت سنة 2011 عن اطلاق وحدة مكافحة السلوكيات الخطرة والتثقيف بالنظير، الأولى من نوعها على الصعيد العالمي، والتي يرتكز عملها على الاشتغال مع الشباب في مواضيع اجتماعية تؤرقهم.
كما شددت الدراسة ذاتها على أن مايقال عن التكلفة المرتفعة للتكوين وللاستثمار عموما في مقاربة التثقيف بالنظير، لاقيمه له، مقارنة بمردوديتها على المستوى المعنوي والرمزي، اذ تسهم في الوقاية والتحصين من آفات مثل السيدا، والسل، والملاريا، ومن التدخين والتعاطي للمخدرات والكحول، بل ومن التطرف والإرهاب.
ودعت الدراسة الى تحسين شروط عمل المثقفين النظراء المادية والمعنوية، والاعتراف بهم كشركاء، مع ما يستلزمه ذلك من اقتسام للسلطة والمعرفة معهم، ومن افساح المجال لهم لابداع وسائل العمل والتخطيط، وكذا ضرورة تنظيم المثقفين النظراء لأنفسهم في إطارات مؤسساتية.
كما شددت الدراسة على ضرورة توسيع مجال توظيف مقاربة التثقيف بالنظير ليشمل مواضيع جديدة مثل الانتحار، الهجرة، التطرف الديني…الخ، مع ما يستلزمه ذلك من اعداد لدلائل مرجعية علمية دقيقة، كما أكدت الدراسة، أيضا، على ضرورة دمقرطة الولوج الى المقاربة، عبر تعميم الاشتغال بها في المناطق النائية والهامشية، وألا تبقى حبيسة المدن الكبرى والمتوسطة.
واستهدفت هذه الدراسة النوعية الميدانية تحليل أهم المبادرات، والمشاريع، والبرامج التي تبنت مقاربة التثقيف بالنظير في تدخلاتها الميدانية في مختلف المجالات، ودراسة وقع وأثر هذه المبادرات والمشاريع، ورصد مواطن القوة والضعف، وما يتعين تطويره قصد تجويد وتطوير المقاربة.
واستندت الدراسة الى المعطيات النوعية المستمدة من المقابلات، والمجموعات البؤرية التي أجريت مع الفاعلين في الميدان، حكوميين وغير حكوميين، ومن مؤسسات وطنية شريكة.