أبو حفص لـ”الدار”: الدولة الوطنية من واجبها حماية الأقليّات والطّوائف الدينية
الدار/ حاوره أمين بوحولي
قال محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الدراسات الإسلامية، إن الخلافات الواقعة اليوم بين عدد من الطوائف الدينية، والفرق الإسلامية، هي في الحقيقة ليست خلافات حديثة، بل هي خلافات قديمة، يسجل رفيقي، بدأت منذ العهد الأول، داخل المنظومة الإسلامية، مضيفا : "في رأيي الشخصي، أرى أنه لا يمكن التعامل مع الخلافات الطائفية، بمنطق الانحياز لهذا الطرف، أو بمنطق طائفة لوحدها تحتكر الحقيقة، والطرف الآخر على ضلال.. هذا الأسلوب تم تجاوزه اليوم"، مشيرا إلى أن باب إنتاج وتبادل الأفكار أصبح واسعا جدا وأصبحت له روافد متنوعة ومتعددة، مبرزا أن الإنسانية بلغت درجة من الوعي ومن الحرية، تسمح لها أن تختار عن قناعة العقائد التي تريد أن تؤمن بها، مسجلا أن التعامل مع هذه القناعات الفكرية لا ينبغي التعامل معها كما كان سابقا.
وأوضح عبد الوهاب رفيقي في حوار خاص مع موقع "الدار"، أن في السابق كان الأمر إما أن يكون الشخص سنيا أو شيعيا، أو على معتقد طائفة محددة".. موضحا أن " اليوم توجد أصوات عديدة لطوائف ومذاهب وأديان أخرى، مشيرا إلى أنه بات الحديث عن أشخاص تحولوا من الاسلام إلى المسيحية، وكذا عن أشخاص تحولوا من المسيحية إلى الإسلام، وعن أشخاص تحولوا من الديانات السماوية إلى اللادينية، يشرح رفيقي، وأيضا عن أشخاص تحولوا إلى فكر الإلحاد، وبالتالي، يواصل الباحث في الدراسات الإسلامية، قائلا: "لدينا حركة رواج كبيرة جدا في الأفكار وفي المعتقدات حيث أن لشبكات التواصل الاجتماعي الالكترونية، الدور الكبير والمهم في تحقيق هذا الرواج".
وأكد الباحث في الدراسات الاسلامية أن الدولة الوطنية الحديثة "لا تستطيع أن تتعامل مع هذه المعتقدات والقناعات -كما كان الأمر سابقا- بنوع من الصرامة أو بنوع من القسوة، أو بنوع من المواجهة"، مبرزا: "أو تحاول (الدولة الوطنية) توحيد عقول وأفكار الناس نحو اتجاه وحيد معين، هذا أمر مستحيل ولا يمكن أن يقع بأي حال من الأحوال، يشدد رفيقي، مشيرا إلى أن للدولة اختيارها الرسمي، إذ أنه يمكن للدولة أن تتبنى دينا رسميا، مذهبا رسميا، لكن هذا لا يمنع أن توجد داخل المجتمع قناعات متعددة، ومعتقدات وأديانا متعددة، والدولة الوطنية، يواصل المتحدث نفسه، "من واجبها أن تحمي كل هذه الأفكار وكل هذه المعتقدات ما لم يكن لديها توجه سياسي".
وأشار رفيقي في ختام حديثه، إلى أن المشكل الذي كان بين السنة والشيعة، هو في الحقيقة ليس مشكلا عقديا، بل، يوضح أبو حفص، "هذه المذاهب الإسلامية كانت في السابق تعبر عن توجهات سياسية معينة، وهنا التخوف الذي يمكن أن يعتري الدولة الوطنية، إذ أن الإيمان بمشروع الدولة الوطنية، يتابع رفيقي، له ولاء موحد لثوابت الوطن، ويمكن للشخص أن يتبع السنّة، الشيعة، البهائية، المسيحية، أو أي معتقد آخر، يوضح رفيقي، "هذا المعطى لا يؤثر على الاستقرار في شيء، بل على العكس يجب أن نمنح الناس حرية الاعتقاد، ولا إكراه في الدين، على أساس أن تظل الثوابت المتعلقة بالوطن محمية وغير قابلة للنقاش، وأن تظل الأفكار والقناعات والمعتقدات، مخلصة لثوابت الدولة الوطنية غير مرتبطة بأي أجندات أو علاقات مع دول أو جهات أجنبية أخرى" ينهي الباحث في الدراسات الإسلامية حديثه.