رئيس جماعة .. يزايد على روح عدنان الطاهرة
الدار / خاص
“عندما يمسح وميض الصباح ما تكتبه ثمالة الليل”! إنه واقع حال رئيس إحدى أكثر الجماعات القروية فقرا بالمغرب، والذي عادة ما يجد نفسه محرجا ومطالبا إما بحذف تدوينات الليل التي يكتبها تحت وطأة عصير العنب المغشوش الذي يبيعه “ولد الخريبكي”، أو أنه يجد نفسه عرضة للسخرية السوداء من طرف رواد الإعلام البديل ومنصات التواصل الجماهيري.
فرئيس الجماعة القروية الذي دخل موسوعة” غينيس” كصاحب أقصح ” وجه ” في المغرب، بعدما عرض المساعدة المالية على أحفاد ماو تسي تونغ لتجاوز محنتهم الصحية الناشئة عن الجائحة، في تجاسر غير مسبوق، رغم أنه لم يوفر أدنى أساسيات التدبير المحلي لجماعته، التي أمست معه أقرب إلى “الدشار” حسب لكنة إخواننا في قبائل “جبالة” و”غمارة” وضواحيهما في دار الضمانة.
و”الرئيس الناشط الفايسبوكي” الذي يدمن التدوين الافتراضي عوض الانكباب على الاضطلاع بمهامه التدبيرية المحلية، لم يجد من موضوع ينفث فيه البذاءة وأشياء أخرى، سوى وفاة الطفل عدنان، ضحية الاعتداء الجنسي الغاشم بمدينة طنجة، إذ حاول المزايدة بروحه الطاهرة، وإثخان جروح ” كبدة الوالدين” من خلال نزق فايسبوكي لا يليق بهكذا حوادث إجرامية حبلى بالمعاناة النفسية والاجتماعية.
فالمعني بالأمر لا يعلم شيئا عن قضية الفقيد عدنان، إلا ما جادت به تدوينات رواد العالم الأزرق وما تناهى إلى هاتفه المحمول من معطيات عبر تطبيق الواتساب. فلا هو يدرك تاريخ تقديم البلاغ الخاص بالبحث لفائدة العائلة، ولا يعلم تفاصيل القضية وظروفها الملابسة، ومع ذلك أرخى العنان “لفأرته” الفايسبوكية لتتهجم على مؤسسات إنفاذ القانون، محاولا تحميل المسؤولية والنكوص المفترض لنساء ورجال الأمن.
لكن الذي يجهله رئيس الجماعة ” المدون ” أن ساعة وربع كانت كافية للمشتبه فيه لارتكاب جريمته الشنعاء، بعدما استدرج الضحية بلا عنف من الشارع العام قبل أن يرتكب جرمه مقرونا بالعنف داخل مسكنه المداري . وأنه عندما أيقنت الأسرة بأن اختفاء عدنان كان مشكوكا فيه بادرت بإعلام الشرطة بعدما انصرمت زهاء الساعتين والنصف من واقعة الاختفاء. وقتها كان عدنان بين يدي الله وكنفه، وكان المشتبه فيه يشذب لحيته ويقص شعر رأسه في محاولة لطمس معالم جريمته وتحريف مسارات البحث فيها.
والذي يجهله أيضا رئيس الجماعة برتبة “ناشط فايسبوكي”، أن الشرطة القضائية بطنجة استعانت بخبراء أمنيين متخصصين في التشخيص البصري لتحديد هوية المشتبه فيه، وبخبراء في الشرطة السيبيرانية لتتبع كل المحتويات الرقمية الخاصة بهذه الجريمة، وظلت مرابطة ومرابضة بمحيط مكان الاختفاء، قبل أن تتمكن في أيام معدودات من استجلاء حقيقة الجريمة وتوقيف الجاني، بعدما بدد كل الأماني والأمال في العثور على الضحية حيا، في وقت لا زالت فيه قضايا مماثلة عصية على الحل في عدة دول متقدمة مثل فرنسا والبرتغال وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية.
لكن صاحب عبارة ” تبا لكم” الموجهة للساهرين على الأمن، والتي تعكس بجلاء ضحالة التعبير، وإسفاف التدوين، وابتذال الكلام، لم يكن قد اطلع بعد على تصريحات والد الفقيد عدنان ولا أصوله من الدرجة الأعلى ( الجد)، وهما يشكران رجال ونساء الشرطة بطنجة ، ويثمنون عاليا مساعيهم والجهود المحمودة لمديرهم العام، ويقولون لهم بدعاء مغربي صادق ” الله يخلف عليكم”.
فأسرة الفقيد صبروا والعزاية كفروا كما يقول المثل المغربي الشعبي. فآل الفقيد ورهطه أجمعين أشادوا بفعالية الشرطة التي أوقفت القاتل في وقت زمني قصير، وفي ذلك بعض من العزاء والقصاص والسلوان في هذا الرزء الفادح ، بينما “مول” الجماعة ظل وحده شريدا في الفايسبوك يكتب ” تبا لي”، بعدما حاول المزايدة بروح طاهرة لا تصلح للتجاذب السياسي ولا الإثني.